السيدة فاطمة الرشيد محمود الأنصارية المبرورة الجميلة، بل الملكة العظيمة لقد تضاعف حزني أضعافاً وما بين الصبر والتأمل في رحيلك وقطرات الدموع من تلك العيون الشاهدة على كل تفاصيل حياتك المليئة بالمبادىء والقيم النبيلة.
الراحلة لم تنجب، ولكن حياتها عامرة بالخير والبركة والسعادة، وكان جميع ابناء أقاربها ومعارف معارفها وعشيرتها وابناء الروح والعقيدة الانصارية والاحباب والجيران أبناءها، لقد تركتهم أيتاماً …. أي نعم أيتام والله.
ظلت في جهاد ونضال كبير وتقدم كثيراً من الأعمال الجليلة لكيان الأنصار ولبيت الامة السودانية، وكل براحات الوطن، وفعلا اًصبحت ايقونة للرسالة المهدوية.
ولله الحمد، رغم معاناتها مع المرض وهي في عنقريبها تستقبل كافة ضيوفها بأريحية كاملة وتامة وتصر بشدة على خدمتهم، وهي لا تقوي على الحركة، وتذكرهم بتواصل الارحام والمعارف والصداقة والمحبة.
تخرج العشرات من الطلاب بالجامعات السودانية وبالخارج، ومنزلها هو المعبر لكل الفخر والإنجاز والتحصيل الأكاديمي والتفرد في كافة التخصصات العلمية، ودارها دوحة من الحنان مفتونه بالحب والجمال والكرم الفياض. كانت قبلة للمرضى وأصحاب الاغراض والحاجات وخاصة الذين يأتون للخرطوم من أهلها ومعارفها من مناطق السودان المختلفة.
برحيلها فقد الكيان عطرا شذاه فاح وعبق الكون، ونغمة فريدة ذات تميز، وشاعرية مرهفة لن تتكرر، وكانت تنداح حباً صادقاً، وعبارات ناصعة تحكي عن القمر في سمائه وضيائه، وكانت كريمة السجايا وجميلة الخصال حتى النيل انحنى لها إجلالا وتقديراً.
فيها البسمة الشفافة والضحكة والوداعة والدعابة اللطيفة الممزوجة بالود والرأفة الساحرة. هي البراءة وصاحبة نبل وخلق وطهر وعفاف وعاشقة للهدايا والهبات.
أصيلة أصالة المرأة السودانية الأنصارية الباسلة والشجاعة الحنونة، وهي منبع الحنان والفكر والفقه والتقوى.
ويكفي إنها ابنة العالم الفكي الرشيد محمود ذاك العلم البارز بالمدينة الفاضلة (الجزيرة ابا).
رحيلك.. وداعك بمذاق الحنظل، بل أمر من ذلك، ولكن هي إرادة الله.
كلنا سنرحل، ولكن رحيلك فيه عبر ودروس تستوجب مجلدات؛ لأنك أمة ودنيا بحالها.
يا يمه …. يمه فاطمة بت الرشيد أهزوجه في شفاه كل من عرفك. افتقدنا أعظم الاشياء مجتمعه فيك، ولاسيما حال دار الفناء. أنت الآن في دار البقاء في رياض باسقة وظلال وارفة والأنهار، وكل النعم تحفك من كل جانب، وأنت برحمة الله البارع المصور يكرمك بالفردوس الأعلى، لأن ثقتي في الله كبيرة، وهو أكرم الأكرمين.
نسأل الله الكريم أن يتغمدك بواسع رحمته، ويكرم نزلك بالجنة مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
النعي موصول لكل العالم، وليس السودان وحده، أو دارفور والعاصمة؛ لأنك أم الفقراء، وأم الكل، وأم لكل سودانية وسوداني. والصبر الجميل وحسن العزاء لقبيلة الأنصار عموماً.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.