توفي إلى رحمه الله اليوم الاثنين (6 أغسطس 2018م) الإعلامي حمدي بدر الدين المدير العام الأسبق للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، والخبير الإعلامي ومعد ومقدم برنامج فرسان في الميدان أحد أشهر البرامج في تاريخ التلفزيون، وقد وري جثمانه الثري في مقابر البكري بأم درمان.
الراحل في أيام مرضه
وكان قد أصيب بنزيف في المخ عام 1998م في أثناء وجوده بالولايات المتحدة، وأُجريت له حينها عملية جراحية ناجحة، لكنه تعرض مجدداً لانتكاسة في عام 2001م أصيب بعدها بشلل نصفي، وخضع للعلاج بمستشفيات السودان، لكن حالته الصحية أخذت في التدهور، بسبب عدم مقدرته على تغطية تكاليف العلاج المناسب، وهذا الأمر أثار موجة من الاستياء وسط المواطنين ضد الحكومة وأجهزتها الإعلامية لتجاهلها مشكلة حمدي بدرالدين الصحية والمادية، وتقاعست عن تقديم مساعدة له، وهو في أمسّ حاجة إليها، وعبر ناشطون كثيرون عن هذا الاستياء عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
ولد حمدي بدرالدين واسمه الأصلي أحمد علي بدرالدين بحي الشجرة في الخرطوم عام 1935م من أسرة تتكون من ستة أبناء وبنات.
وكان والده علي بدرالدين يعمل مهندساً بمؤسسة الري المصري بالسودان، ووالدته هي من أطلقت عليه لقب حمدي.
بدأ تعليمه بالخلوة إسوة بأقرانه، فالتحق بخلوة الشيخ بابكر، وتلقى تعليمه الأولي بمدارس البعثة المصرية والمتوسطة بمدرسة الاتحاد بالخرطوم، والثانوية بالكلية القبطية للبنين. وفي عام 1950م، التحق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم (جامعة النيلين حالياً) بالخرطوم.
عمل في بداية شبابه معلماً بمدرسة الحلة الجديدة شرق الثانوية بالخرطوم، إلا أن موهبته الإذاعية دفعته إلى طرق أبواب الإذاعة السودانية بأم درمان، بعد أن رأى في يد شقيقه أمير بدرالدين إعلاناً للإذاعة تبحث فيه عن مذيعين شبان جدد لقراءة نشرات الأخبار فيها.
وتقدم حمدي للوظيفة حيث تم قبوله وذلك لاستيفائه الشروط، من نواحي جمال الصوت، وقدرته على القراءة الصحيحة، وتحقيقه لنتائج جيدة في اختبار الثقافة العامة.
تدرب بدر الدين على العمل الإذاعي وعمل مقدماً ومعداً للبرامج الإخبارية، ومذيعاً للنشرات، ومترجماً للأخبار. وفي عام 1960م، ابتُعث إلى الولايات المتحدة للتوسع في دراسة علوم الصحافة والإعلام، وحاز على دبلوم الإعلام الجماهيري من جامعة كاليفورنيا الجنوبية بولاية كاليفورنيا الأمريكية، والتحق خلال تلك الفترة بإذاعة صوت أميركا لمدة عام، وبعد عودته في عام 1962 تم انتدابه من الإذاعة إلى التلفزيون السوداني للمساهمة في انشاء وتطوير جهاز التلفزيون، وشهد بداية الإرسال التلفزيوني في السودان من خلال أجهزة قدمت هدية للسودان من شركة تومسون في بريطانيا.
تخصص بدر الدين في تقديم البرامج الوثائقية والمسابقات الهادفة التي ترمي إلى نشر المعرفة وسط الشباب. واكتسب شهرة كبيرة من خلال برنامجه الأسبوعي “فرسان في الميدان ” الذي استمر مدة عشرة أعوام متتالية.
وفي عام 1970م سافر إلى برلين الغربية بألمانيا الاتحادية آنذاك في بعثة تدريبية لمدة ثلاث سنوات عمل خلالها في القسم العربي بإذاعة صوت ألمانيا، كما عمل مترجماً صحفياً.
وبعد عودته تم انتدابه للعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة للعمل مراقباً تلفزيونياً، فساهم في برامج تطوير التلفزيون هناك، وفي عام 1979م تم تعيينه مديراً للبرامج بتلفزيون السودان، وأنشأ إدارة الأخبار والشؤون السياسية بالتلفزيون.
بعد إحالته للصالح العام، أُعيد للعمل، وصدر قرار بتعيينه أولاً نائباً لمدير عام وكالة السودان للأنباء، سونا، ثم مديراً عاماً بها، ولم تمض بضعة أشهر حتى أعيد مجدداً مديراً للتلفزيون، وفي عام 1991م أحالته حكومة الإنقاذ الأولى مرة أخرى إلى التقاعد للصالح العام.
وعندما انتشر خبر وفاته في عام 2016م علق قائلاً: “الحمد لله، حقيقة اندهشت وتأسفت لما سمعته عن خبر وفاتي، وبسبب ذلك لم يصمت هاتفي، وظللت أتلقى مكالمات من مختلف بقاع العالم، والكل يريد معرفة ما تم تداوله من شائعة وفاتي، في الوقت الذي قلق فيه أبنائي الموجودون خارج السودان، وبكوا مر البكاء بعد سماعهم للخبر في أثناء تحدثهم معي، فيما ظللت أخفف عنهم، ولكني لم أستطع فانهمرت دموعي معهم”، وختم متسائلاً: “الخبر مجرد شائعة مرضية، ولا أدري من المستفيد منها، والأعمار بيد الله”.