الخرطوم – التحرير:
الحالة الراهنة للسوق الشعبي أم درمان دليل كافٍ على فشل المحلية في الاستعداد لخريف هذا العام. (مطرة) واحدة سقطت معها أقنعة الخداع والمساحيق التي ظلت تضعها محلية أم درمان على الطرق الرئيسة في قلب العاصمة الوطنية، بيد أن أسواقها كشفت كل القبح المستور، والأسوأ أن هذه الأمطار تساقطت فوق أكوام النفايات المنتشرة داخل أكبر سوق لبيع للخضر والفاكهة في المحلية، وأكبر تجمع للمواطنين الذين يدخلون إلى العاصمة المثلثة، ويخرجون منها إلى كثير من أقاليم السودان، ولا سيما الولايات الغربية والشمالية.
مشاهد مأساوية داخل السوق: مياه آسنة، وانتشار كثيف للحشرات والبعوض وهوام الأرض، روائح كريهة تستقبل زوار السوق في منطقة الملجة، والجزارات، وسوق الخردة.
مواقف مواصلات تحاصرها كميات كبيرة من الطمي الذي خلفته أول مطرة في بداية خريف هذا العام. المجاري لازالت تحتفظ بالمياه، التي جمعت داخلها كميات كبيرة من النفايات، وحولتها إلى منطقة مياه راكدة، ومأوى للضفادع والحشرات الغريبة.
سائق يشكو:
رجل خمسيني تظهر عليه حالة من الإعياء والتعب. السائق داود سعيد الزبير يشكو من هذه المشاهد، ويقول إنها سبب رئيس في إحداث الأعطال بمركبته العامة، التي تعمل في خط المواصلات، علماً بأن (جوز اللساتك) وصل إلى ما يقارب 4 مليون جنيه.
ويضيف سعيد: “إن معظم السائقين تركوا المدخل الإستراتيجي للسوق من الناحية الشمالية الغربية مجبرين، بعد أن تحول إلى برك آسنة حتى لا يعرضوا مركباتهم إلى الأعطال، خصوصاً في الفرامل، واستهلاك الزيوت التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، أضف إلى ذلك تعرفة المواصلات التي أصبحت غير مجزية.
المحلية مقصرة:
معتصم إداري شعبي بملجة الخضار، وصاحب محل (ويكة وصلصة، قال: أدفع رسوم نفايات 100 جنيه، ورسوم صحة ورش دود؛ لكن المحلية مع ذلك مقصرة”. واقترح عمل صندوق خاص بمعالجة مشكلات السوق البيئية.
شارع الخرد المأساة أكبر:
في شارع الخرد بالسوق الوضع أكثر من مأساوي. روائح كريهة، وترسبات طمي أغلقت الشوارع الجانبية تماماً، وهذا ما خلق ازدحاماً داخل السوق. يقول حاج حمدان: “الوضع زي ما شايفين لا يوجد حل ودا أكل عيشنا”، ويضيف أن المعاناة تتفاقم عندما نريد أن نزود ورش السيارات التي نمتلكها ببعض المواد. أصحاب العربات التي تحمل كتل من الإسبيرات لا يستطيعون الوصول إلى الورش، ونضطر لحملها على الأكتاف.
أما حاتم محمد صاحب دكان إسبيرات بشارع الخرد يقول: “إن الوضع صعب. المجاري محتاجة إلى تأهيل، وإدارة النفايات تجمع الرسوم من غير أن تقوم بواجبها، وتساءل: هذه أول مطرة، فكيف يصبح الوضع في بقية أيام الخريف؟ وأضاف: “نعمل على تقوية أسوار الورش وشوارعها عبر ردميات بالجهد الذاتي، وكل شخص يعمل لوحده أمام ورشته دون أن تتدخل الحكومة، وتحل المشكلة”.
أكوام النفايات:
في موقف الشاحنات شرق الملجة البيئة أكثر بؤساً مما رصدنا من مشاهدات سابقة. أكوام النفايات توجد بكميات كبيرة، وترسبات الطمي تفاقم من المأساة، والمياه الآسنة تهدد صحة المواطنين. يقول صاحب مكان لبيع البراميل البلاستيكية: “تأذينا من الوضع البائس جراء ترسب مياه الطمي، والروائح المتعفنة؛ لدرجة اعتدناها”، وأضاف المحلية قامت بطمر المجرى الرئيس لإعادة تأهيله قبل الخريف، ولم يحدث ذلك، وهذا ما أدى إلى تراكم المياه بالمنطقة.
اما في موقف كوستي وسوق الإخوان لإطارات البصات السفرية، فالطريق أصبح واحداً بعد إغلاق كل الطرق الأخرى في وقت يوجد بالمنطقة أكبر مجرى للمياه، الذي تساقطت فوقه النفايات بفعل الرياح، وحولته إلى مكان لتجمع المياه المخلوطة بالنفايات. وقد استغلت بائعات الشاي أطراف المجري لبيع الشاي.