أعلن مدير إدارة أمن مطار الخرطوم الدولي العميد أبوعبيدة محمد إحباط جهاز الأمن والمخابرات الوطني عملية تهريب “شنطة” عملات أجنبية مهرّبة إلى الخارج حوت نحو (500.000) يورو، و(136.000) دولار، و(1.230.000) ريال سعودي، وقال: “إن معلومات موثوقة توفرت لهم عن عملية تهريب عملة عبر إحدى رحلات شركات الطيران المعروفة، وأضاف أنه تم تحديد ومراقبة المشتبه فيهم داخل الصالات وحتى الصعود إلى الطائرة، حيث لم تكن “الشنطة” معهم ما استدعى إنزال جميع الركاب وموظفي الطائرة، وإعادة تفتيشهم وتفتيش الطائرة إلى أن تم ضبط “الشنطة” وحجزها مع حائزها “ح.م.ع.م” واثنين من الموظفين، وسبق لجهاز الأمن أن أعلن عن ضبط كميات كبيرة من العملات المهربة وأكثر من (500) كيلو ذهب تم ضبطها عبر مطار الخرطوم أو المنافذ الحدودية، وتم القبض على بعض رجال الأعمال وموظفين حكوميين، تم الافراج عن بعضهم، ولم يعلن الجهاز لماذا قبض عليهم، و لماذا افرج عنهم، ولا أحد يعلم حيثيات رفض البرلمان رفع الحصانة عن رجل الأعمال فضل محمد خير، ولا أسباب رفعها عنه فيما بعد.
مدير أمن المطار ضبط (ح.م.ع.م) صاحب (الشنطة)، مع اثنين من الموظفين، وتم الحجز عليهم، و يبدو أن العملية كانت نتيجة لمعلومات ورصد، و مع ذلك أشار لصاحب الشنطة باحرف (ح.م.ع.م)، وهى حروف لا تدل على شيء، و لا يمكن اعتبار انه صرح باسم المحتجز، و السؤال هو لماذا؟ هل ما تم يأتي حرصاً على سمعة الرجل؟ ام خشية من أمر ما؟ خاصة وان سلطات النيابة فيما بعد تتشدد في تدقيق الاتهام، وهو امر محمود إن لم يكن ربما لدوافع خرى.
مراقبون تحدثت إليهم يشككون في جدية الحملة ضد الفساد، و يدللون على ذلك بعدم اقتراب الحملة حتى الآن من مناطق الفساد الكبير في المشتروات الحكومية والاراضي والتخلص من الفائض والقروض والمنح ومبيعات الذهب والبترول، والبنوك، وحصائل الصادر، وفى الأقطان و كهرباء الفولة، وحصاد المياه، والشركات الرمادية، و شركات الاتصالات، وتعلية الفواتير في الأدوية و الجازولين و الدقيق، والاختلاسات وإهدار المال العام، وتهريب البشر.. والقائمة طويلة، ولعلها (هرشة ساكت)، بدليل استمرار تهريب الذهب والعملات بطريقة منظمة وسافرة، وربما هي محاولات لإخراج الأموال، ويتضح ذلك في استمرار المخالفات في المشتروات الحكومية (على عينك يا تاجر).
المواطنون كانوا يعولون على الحملة وهم يعرفون مكامن الفساد الهائلة، ويعلمون ان الحملة بطيئة وانتقائية وأننها لم (تهبش) اوكار الفساد الحقيقية، ولذلك تراجعت شعبية الحملة وسط المواطنين، ولم تعد أخبار القبض على مهربي الذهب والعملات تثير حماسهم او تلفت انتباههم، ولم تعد تبريرات الحفاظ على سمعة المتهمين في قضايا الفساد تقنع أحداً، هل الحملة ضد الفساد قرار مجموعة من النافذين؟ وأن آخرين نافذون يعرقلون الحملة؟ ولماذا لم يسلط الضوء على توصيات مجلس شورى الحزب الحاكم بإبعاد من يتهم في قضايا فساد؟ عليه يصبح مفهوماً لماذا لم تجد الحملة مناصرين لها من اعضاء الحزب الحاكم او النافذين.
اما على المستوى الشعبي، فإن الحملة لم تحقق أي إنجازات ملموسة حتى الان، و تراجع اهتمام الناس بها، و لم تفلح في ردم الهوة السحيقة بين الحكومة و عامة الناس، ولن يكتب لها النجاح ما لم يقتنع (محمد احمد) بجديتها و صدقها، ليس باعتبارها تنزيهاً للحكومة، و انما اعتبارها ضرورة للأخذ بمعاش الناس، أما على صعيد الإعلام الحكومي فلا تفسير منطقي لعدم مساندة الحملة ضد الفساد، إلا كونه وجهاُ آخر للفساد ولنفوذ الدولة العميقة، الحكومة إما أن تحاسب الفاسدين، او تحافظ على سمعتهم (سمعتها)، والمحاسبة تبدأ بفضح ممارساتهم الفاضحة، وهذا يتطلب شجاعة و إرادة سياسية لم تتوافر بعد.