لم تمر على جريمة اغتيال الشهيد سامر عبدالرحمن الجعلي غير شهرين ونصف الشهر، حتى سجلت مضابط الشرطة والمجتمع جريمة بشعة أخرى بقتل الطالب الجامعي الشهيد حسام عبدالله طه، على يد شرطي متهور، لدى تجاوز الطالب القتيل وأحد أصدقائه لنقطة ارتكاز للشرطة، في منطقة جبرة.
لا زلنا نذكر مأساة الشهيد سامر الجعلي الذي عرف باسم (قتيل شارع النيل)، وكيف أن أحد رجال شرطة النظام العام أطلق النار بهدف توقيف القتيل، إلا أن الرصاصات اخترقت جسد سامر الجعلي الذي فقد حياته حال وصوله الى المستشفى، وهو ابن القيادية بحزب الأمة الإصلاح والتجديد، السيدة نهى النقر، ووالده الفنان التشكيلي عبدالرحمن الجعلي الذي صمم علم السودان الحالي، ونذكر كيف تطورت الأحداث ما بين بيانات مكذوبة، وأقوال متضاربة إلى أن تدخل النائب العام مولانا عمر أحمد محمد، وطالب وزارة الداخلية برفع الحصانة عن الشرطي المتهم بقتل سامر بعد وجود بينات تستدعي إكمال التحقيق في هذه القضية.
المأساة تتكرر وينتقل مسرح الجريمة هذه المرة من شارع النيل في أم درمان الى جنوب الخرطوم في منطقة جبرة ليصبح الشهيد حسام عبدالله طه ضحية جديدة لتهور أحد منسوبي الشرطة الذي أطلق الرصاص على السيارة التي كان يستغلها حسام مع أحد أصدقائه لتخترق رصاصته المقعد الذي كان يجلس عليه حسام وتصيبه في ظهره، وتخترقه إلى الصدر، ليقوم أفراد الدورية بإنزال المصاب ورفيقه، وقد كان ينزف بغزارة الى أن فارق الحياة في المستشفى.
الشرطة السودانية على مر التاريخ كانت نموذجاً للشرطة المدنية التي تمثل حامية للقانون ومانعة للجريمة، وظلت طوال تاريخها المشرق والمضيء نموذجاً يباهي به السودانيون الأمم، لكن يبدو أن أمراض العنف الاجتماعي قد انتقلت الى بعض أفرادها، حتى لكأن عدم الاستجابة للتوقف أمام نقطة الارتكاز يستوجب القتل وإطلاق النار!
الأمر خطير، ويجب ألا يمر مرور الكرام، لأن الذي حدث فيه استهتار بأرواح المواطنين، واستخفاف بالوطن وميزان العدل فيه ـ لابد من تقديم المتهمين الى العدالة، ولكن علينا في ذات الوقت أن نبحث عن الأسباب الدافعة لهذا العنف، هل هي قلة تدريب مع عدم مهنية بعض الأفراد، أم هو تفاخر بغيض بالقوة أمام أعزل لا يملك سلاحاً، وهذه أسوأ درجات الجبن.