الخرطوم – التحرير:
مبارك الفاضل
انحسرت ظلال شجرة “الإنقاذ” بشكل متدرج عن معظم أحزاب “الأمة” التي انشقّ فرعها الأول “الإصلاح و التجديد” عن الحزب الأساسي”الأمة القومي” قبل نحو 16 عاماً تقريباً، بخروج عراب الانشقاق الأول مبارك الفاضل للمرة الثانية عن تشكيل حكومة الوفاق الوطني الجديدة، بعد تراجع نفوذ نصيره القوي في الحكومة الفريق أول بكري حسن صالح، بقرار فصل منصب النائب الأول عن منصب رئيس الوزراء، فضلاً عن مغادرة د. أحمد بابكر نهار أحد أقدم وزراء أحزاب الأمة، وأوسعهم في فرص المشاركة.. استهلها في العام 2002 بوزارة التربية التعليم، وأنهاها بوزارة العمل والاصلاح الإداري، قبل انصياعه أخيراً لرغبة الحزب الحاكم في تسمية بديل له لأول مرة منذ نشأة حزبه “الأمة الفيدرالي”، وهو المحامي عمر سليمان الذي اختير وزيراً للثقافة والسياحة والآثار السبت الماضي.
وخلت لائحة التشكيل الوزاري الأخير من اسم الأمير بابكر دقنة رئيس حزب الأمة المتحد، الذي احتفظ بمنصب وزير دولة بوزارة الداخلية لأكثر من مرة جري فيها تعديل وزاري، في وقت لم يجد فيه المهندس عبدالله علي مسار رئيس حزب الأمة الوطني قبل هذا المنعطف بأساً في التموضع تحت قبة البرلمان، بعد إبعاده من وزارة الإعلام علي خلفية صراعات تورط فيها ضد متنفذين إسلاميين، هما وزيرة الدولة بالإعلام آنذاك السفيرة حالياً سناء حمد، ومدير وكالة السودان للأنباء (سونا) عوض جادين.
عبدالله مسار
وبرحيل وزير الإعلام والاتصالات الأسبق المرحوم الزهاوي ابراهيم مالك، رئيس حزب الأمة الإصلاح والتنمية، اكتفي خلفه إبراهيم آدم ابراهيم بوجود رمزي في الحكومة، وذلك في منصب وزير دولة بوزارة الضمان الاجتماعي، التي انتقل منها بالدرجة والصفة إلى وزارة التربية والتعليم في الحكومة الحالية.
ومع إعلان حكومة الوفاق الثانية، بدا كأن موجة جديدة من الجفاف تزحف الآن بقوة نحو ما تبقي من أحزاب تحمل اسم “الأمة”.. ستقضي لو استمر الحال هكذا على أخضرها ويابسها طال الزمن أم قصر.
فالحكومة التي ترزح اليوم تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، لم تجد في جعبتها متسعاً لتفادي خيار إطلاق رصاصة الرحمة مباشرة على رؤوس حلفاء الأمس من أحزاب الأمة.
لقد طال سيف التقليص رقاب ثلاثة من الستة، وهم: مبارك الفاضل، وأحمد نهار، وبابكر دقنة، مع بقاء رابعهم وخامسهم، عبدالله علي مسار، وإبراهيم آدم إبراهيم، في منزلة بين النطع والسيف.
الصادق الهادي
إذن لم يتبق في حكومة “معتز موسي” الجديدة من بين هذه الرؤوس الستة المؤثرة في أحزاب “الأمة” المشاركة، غير د. الصادق الهادي المهدي وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، مقتاتاً ربما، هو من ريع ما سيزرعه الإمام الصادق المهدي رأس رمح المعارضة بالخارج من مخاوف في صدر الحكومة تزيد أو تنقص.
وتعدّ خسارة تلك الكتلة سداسية الأضلاع المتشاكسة للموقع الرفيع الذي حظيت به: موقع نائب رئيس الوزراء، وموقع رئيس القطاع الاقتصادي، إضافة إلى وزارة الاستثمار، ولمنصبي وزيري دولة بالداخلية والضمان الاجتماعي، خسارة ربما لا يعوضها تقلد د. الصادق الهادي حقيبة التعليم العالي، ولا تولي عمر سليمان وزارة الثقافة والسياحة، بل حتى ولا عودة ابراهيم آدم إلى مصافه الأول عبر بوابة التعليم العام، التي كانت هي أصلاً في قسمة ونصيب “الأمة الفيدالي” بيد سلفه وزير الدولة المغادر عبدالحفيظ الصادق.
إن مشاركة المنشقين عن حزب الأمة بدأت في العام 2002 بمنصبي مساعد ومستشار لرئيس الجمهورية، إضافة إلى وزراء في وزارات الإعلام، والتعاون الدولي، والتعليم، والسياحة، الي جانب منصب والٍ بولاية نهر النيل، فضلاً عن وزراء دولة بالمالية والخارجية، وعشرات الوزراء الولائيين.
كل ذلك قبل أن تتناقص حظوظ منشقي حزب الأمة في كيكة الحكم رويداً رويداً، الأمر الذي وضعهم الآن أمام أكبر تحد يواجه أحزابهم منذ نشأتها كغطاء لشرّعنة وتبرير المشاركة في السلطة.
وبطبيعة الحال، فإن أحزاباً كهذه أملت ضرورات وجودها فقط غاية المشاركة، لن تقوى هي بالضرورة على الوجود والبقاء خارج أسوار السلطة والحكم.
لكن لا يعرف إلى الآن على الأقل، كيف يمكن أن يفكر قادة أحزاب الأمة الذين أطاحت بهم حسابات تقليص الحكومة الأخيرة؟ وهل ستقودهم خطاهم عقب التباعد بينهم وبين الحكم إلى العودة إلى حزبهم الأم كشأن من سبقوهم غي الترجل والعودة، من أمثال: د. علي حسن تاج الدين مستشار الرئيس البشير السابق للشؤون الإفريقية، أخيراً وليس آخراً بالطبع، عبدالجليل الباشا وزير السياحة و الآثار الأسبق؟