قبيلة الكبابيش:
موطنهم محوره وادي الملك، وكلها تقع شمال خط عرض14، حدودها الشمالية الصحراء الليبية، ومن الغرب يقترب تجوالهم حدود دارفور، وفي الشرق يسقون إبلهم من وادي المقدم في وقت الجفاف(الشتاء)، وقد يصل بعضهم إلى النيل في دنقلا وبعضهم يحترف الزراعة فيها ويستقر.
من أعظم القبائل الأبالة في السودان، ولديهم ثروة من الضأن لملائمة بيئتهم لتربيتها، ولعلها أصل ثروتهم وعمادها الأول؛ لذلك سموا كبابيش مفردها كباشي، كما ورد سبب آخر، وهو أن جدهم يدعى كباش، وان لم يكن الاسم خرافيا لعل كباشا كان لقبه لرعايته للضأن واشتهاره بها.
تمتاز بطون وعشائر قبائل الكبابيش بالوحدة الاجتماعية، ولهم رئيس أعلى يسمى(الناظر). هذه القبائل لا تمثل كلها هجرات عربية خالصة (فرع من قبيلة جهينة العربية) اندمجت واتحدت بالغزو و لمصاهرة مع النوبيين والبجا وغيرهم.(محمد،1953 م:240-242)
الختان:
يقيم الكبابيش احتفالات عظيمة بمناسبة ختان أبنائهم الذكور، فيذبحون ويجهزون الشراب، وتفد الرجال والنساء من الأحياء على ظهور الجمال والخيل، وقبل الغروب يعد الطفل للختان.
يلبس المختون قميصاً جديداً من الدبلان، وعلى رأسه ضريرة، وفي يده سوار حريرة بخرزة خضراء، وعظمة سمك، ويمتطي صهوة جواده، وحوله اترابه على ظهور الخيل ويتسابقون، تتبعهم الفتيات يغنين، ويزغردن، ويحملن مجامر الطيب.
بعد أن يأخذ الصبية والرجال حظهم من الألعاب والسباقات تبدأ حلقات الرقص.
الهسيس:
في هذه المناسبة، تكثر النساء من رقصة تسمى الهسيس، وهي رقصة سريعة الإيقاع، أغانيها خفيفة الإيقاع، وكلماتها قصيرة تناسب إيقاعها الخفيف التي تغنيها النساء في حلبة الرقص للإشادة ببطولة الفرسان، وتمجيد الرجال البارزين، ويشتد حماس الرجال كلما غنت الفتيات:
يا تركة الفراسة
دفر الخصم داسة
المابيك وا هلواسة
رقد جوفه بي أمغاصة
اي يا وراث الشجاعة قد قضيت على خصمك، ويكثر (هلواس) عدوك خوفاً وجزعاً.
البطان:
تُغنى أغانٍ تثير الرجال للبطان بضم الباء:
يا عدي الروي
ماهلا ماك قوي
أركز لي كدي
اي يا موردي الذي لا يجف ماؤه، ويا لين الجانب، وكلمة اركز تقال للشباب الذي يتأهب للبطان، فيتأهب الشباب ويتدافعون إلى وسط حلبة الرقص، ويسارعون إلى ربط ثيابهم حول خصورهم، ويتركون ظهورهم عارية؛ لتلهبها سياط العنج حتى تسيل دماؤها.
ويستمر السوط يعوي، والظهور تتمزق، والدماء تسيل.
الختان:
عند مغيب الشمس، يأتي الخاتن وهو رجل بدوي متمرن على هذا العمل، وعلى الصبي ألا يصرخ أو يبكي، ويلتف حوله الرجال وخلفهم النساء يغنين ويزغردن.
طقس بعد الختان:
بعد الختان يناول المختون أباه أو أخاه حربة يتجه بها نحو القبلة، وعليه أن يقذفها ثلاث مرات بكل قوة، وأن يعدو خلفها كلما قذفها.
علاج جرح الختان:
يرقد المختون أياماً يعوده فيها الختان صباح كل يوم؛ ليعالج الجرح بماء ساخن، ويسحق بعر الماعز سحقاً ناعماً، ويذروه على الجرح بريشة من جناح الطير.
حسن نجيلة: “ذكرياتي في البادية”، مطبعة العلوم الطيبة، 2002 م، ص142-146.
مع الترتيب والتنسيق.