بارا – لندن – التحرير:
في أحدث تطور ، شهدت مدينة بارا في شمال كردفان بغرب السودان ، يوم الجمعة ( الخامس من أكتوبر 2018) حراكاً شعبياً لافتاً، وهو الأول من نوعه، بعدما تفاقمت أزمة فجرها والي شمال كردفان أحمد هارون، بشأن سعيه إلى تحويل غرض عدد من ( السواقي) من زراعية إلى تجارية واستثمارية، وشهدت المدينة التاريخية اليوم حملة ملصقات وشعارات رافضة لهذا التوجه الحكومي.
وقالت المصادر لـ ( التحرير) إن الملصقات والشعارات التي انتشرت في شوارع عدة بالمدينة حملت مضامين محددة شملت ( لا لتجريف السواقي ، لا للمباني ، لا للتلوث والمجاري) و( سواقينا محل عيشتنا، لا تغيير ولا تدمير) و( ياهارون الحشاشة ولا الكراكة) و( لا لتجريف ليمون بارا) و( سواقي بارا ، عنوان وتاريخ).
ووفقاً للمصادر، فان هذا الحراك، غير المسبوق في تاريخ المدينة، فاجأ السلطات التي سارعت إلى إزالة الملصقات والشعارات الاحتجاجية السلمية.
وتزامن توزيع الملصقات والشعارات مع صدور البيان الأول، الذي وزعته “لجنة المناهضة” لقرار والي ولاية شمال كردفان، رقم 21 لسنة 2018، ولفت البيان الذي خاطب أهل بارا كافة وقبائل المنطقة و أهل السواقي المغلوبين ( على أمرهم) إلى أن ( بارا تناديكم، وأن بارا اليوم في خطر، مشيراً إلى ( الإعتداء على السواقي بحجة تجميل المدينة، حيث دمروا قلبها الأخضر الوريف).
وقال البيان إن (الولاية ( ولاية شمال كردفان) لم تنفذ التخطيط إلا في بارا من دون كل مدن كردفان، كانت الحيطة القصيرة، بينما أحياء وأزقة أم درمان ما زالت كما هي في أبوروف وبيت المال والموردة والركابية، ومازالت القاهرة القديمة في الأزهر والموسكي ودمشق القديمة وجدة القديمة كما هي، السواقي ما زالت في كسلا في قلب المدينة، الخضرة في كل مكان في قلب المدن في كل أنحاء العالم، المزارع والغابات محمية بالقانون، والإعتداء عليها وتغيير غرضها جريمة).
وشددت لجنة مناهضة قرار والي شمال كردفان، بشأن تغيير غرض عدد من السواقي، إلى أن السلطات (إستفردت بأهلنا الطيبين، أصحاب السواقي، ضللوهم و أغروهم بالوعود الكاذبة وهددوهم بنزع السواقي، لأن سجلات الملكية غير مكتملة، حتي السواقي التاريخية المتوارثة التي يشهد عليها الجميع قالوا أنها أراضي حكومية حتي يقبل أهلها بتغيير الغرض صاغرين).
ورأى البيان أن ما يحدث هو (هذا ظلم لم يشهده تاريخ السودان منذ التركية)، وأعلنت لجنة المناهضة أنها تكونت من (من أبنائكم لمناهضة قرار والي شمال كردفان) الذي وُصف بـ ( الجائر) ويهدف إلى ( تغيير غرض السواقي وتجريفها وتحويلها الي مساكن وأسواق) وأضاف أن (السواقي هي رئة وحياة و هوية بارا ،وهي حرفة الكثيرين من أهل البلد ومصدر رزق لملاكها وأسر عمالها والمشتغلين في تسويق الخضر وعربات النقل و أن الفقراء والمحتاجين لهم من فيض السواقي نصيب)..
وقال البيان أن (الحكومات الرشيدة تبني ولا تدمر ، تحمي الخضرة ولا تجففها، وأن حكومة شمال كردفان جرفت السواقي ، فافقدت اقتصاد بارا ميزته النسبية في انتاج الخضر والبستنة، و أن تطوير السواقي وترقية الانتاج هو أساس التنمية الحقيقية التي ننشدها)..
وشدد بيان “لجنة المناهضة”على أننا (لسنا ضد التطور والتخطيط وهناك متسع من الأراضي للبناء خارج قلب المدينة، وهناك خيارات أخرى للمحلات التجارية على طول الطريق، وطريق الصادرات كما سموه سيكون نقمة بدل أن يكون نعمة).
وأشار البيان إلى أن عبور أكثر من ثمانمائة شاحنة يوميا،ً وسط المدينة، سيخلق الفوضى والضوضاء وتلوث الهواء، وسوف يقلق حياة الناس بالإضافة لتلوث التربة بمخلفات السيارات وسوف تصبح بارا موقف شاحنات كبير، وستضيع المدينة الوادعة ).
وخاطب البيان ( أهلنا الكرام) في بارا، وقال ( يجب أن نرفض تغيير غرض السواقي لتصبح مساكن أسمنتية وأماكن للخدمات، سوف تتلوث المياه الجوفية والسطحيةبالصرف الصحي والمجاري، والنتيجة مياه شرب ملوثة وخضروات ملوثة وأضرار لا حصر لها)
وخلصت لجنة مناهضة تغيير غرض سواقي بارا إلى القول (الأهل الكرام أرفضوا وقاوموا بشدة تغيير غرض السواقي، حتى لا يحل السيخ والأسمنت والمباني مكان السواقي والخضرة والهواء النقي، ولا تتنازلوا مطلقاً عن حقوق أهل السواقي في ملكية سواقيهم، حافظوا على هوية مدينتكم و لتعش بارا وديعة تزهو في ثوب من الخضرة والجمال).