كل من درس العلوم وتبحر فيها يعرف ان المخ او ” المخيخ ” جزئية صغيرة مرتكزة في تجاويف الرأس كمخزن للأفكار والأحلام والتصالح والتصادم، وقد استطاع التشكيلي العالمي نديم كريم أن يحلق بحضور معرضه بجليري انميا فى اللؤلؤة قطر في فضاءات متشعبة منطلقة من فلسفته الممزوجة بروحه وأحلامه. سكب في لوحاته كثيراً من الألوان الصارخة والهادئة احياناً، وجسم منحوتات من الاستنليس استيل غاية في اللمعان تتفجر من اعلاها غابات متشابكة مهندسة باعتناء .
ان نديم يجسم للعين المجردة ذلك الكائن او فلنقل الجسم الصغير بان جوفه ممتليء حد الكثافة بالأفكار والرؤى غير المحدودة، ليقول: إن العقل البشري يختزن كنوزاً من المتشعبات والحضور المادي والأحلام الباذخة. يستطيع أن يفجر ما لا حدود له من قوة الإرادة والتشبث بالآمال والطموحات الخلاقة. إنه يؤمن تماماً بالحيوية والنشاط والديمومة فعمل بألوان ريشته لوحات ملونة تنقلك في بحور من التأمل العميق، وهندس محنوتاته المعدنية شديدة البياض ليبث شعاع الأمل والفرح والأسئلة الحائرة أحياناً .
من يمعن النظر في تلك اللوحات الملونة بجرأة فائقة، ويتتبع خيوطها، لا بد أن تصطاد أعينه الفاحصة جسماً صغيراً وعقلاً اكثر صغراً تتفجر من فوهته العلوم والمعارف والشكوك والأحلام الباذخة والافكار والطموحات الخلاقة، وتلك أيضاً الخانقة في ظل ظروف يعلمها الجميع فجرت البارود في مناحي وجففت أطباق الاكل والشرب، وجوعت الاطفال في المساكن غير آمنة ففي بعض لوحاته تجد العمار والالفة وفي بعضها تتشابك الافكار المدمرة الخانقة وكانك تشتم رائحة البارود والذي لولا ذات العقل المفكر والحلم الاخضر لما كان العمار والتعمير للغد المشرق فهذا الفنان المبدع استطاع ان يسوح بجمهور من التشكيليين المتابعين وعشاق اللون والكلمة الغامضة التي تتفجر كلاما وطاقات ايجابية في محيط اللوحة المهندسة بإيحاء فكري وبدقة اللون وحبكة الفكرة وخلال افتتاح معرضه ب ” جاليري انيما “باللؤلؤة قطر مساء الاثنين (8 أغسطس 2018م) كان الفنان نديم كريم يوزع ابتسامته فهو قليل الكلام، في حين تنطلق اعماله بفكر ناضج محفز للعطاء طالما هناك احلام تبقى الحياة، وقال ان موضوع الذاكرة وفقدانها واستعادتها بصيغ جمالية يسعي من خلالها ان يجعل المدن داخل هذه الكتل الاسمنتية المدن التي تعج بروتين ان تنطق و قالت السيدة غادة الشولي ان جاليري انيما حرص على استضافة كريم بهذه الاطلالة الموحية التي تحلق بالمتابعين لفنه في عوالم من الاحلام المقرونة بالالوان التي يتقن ادفاقها وفي منحوتات معدنية تحرك الخيال وتعانق السماؤات .
يطلق البعض على نديم كريم ” بائع الحلم ” أو مفجر الطاقات الكامن،ة فهو وبرغم تجسيمه العقل البشري، وتشعبات خياله التي فجرت الأزمات والحروب والدمار فهو يعطي من يمعن النظر في منحوتاته أو لوحاته المعطرة بالألوان الصاخبة الأمل والجسارة والتحلق في فضاءات الحلم والسلم والإبداع الإنساني بخطوط ملتوية تخرج من دهاليز الجسيم المسمى العقل هي متشابكة ومتداخلة في جزئياتها لتحقيق الأحلام التي تعانق عنان السماء.
بدأ نديم كريم مسيرته الفنية في اثناء دراسته للحصول علي الدكتوراة في الهندسة المعمارية بطوكيو، وهذا ما أدى إلى تكوين عروض وتركيبات ولوحات مستوحاة من أفكار إبداعية حول الذاكرة التي تتصل بالحبل السري، ويري أن دور الفنان إثارة الحلم واليقظة التي تحرض الأمل وتشعب الأفكار، بينما الجسد راسخ بسياقه وسط ضغوطات اجتماعية وسياسية فتتجاذبة الأفكار النيرة كثيراً، والمحبطة أحياناً، وقد دأب ” جاليري انيما “على استضافة فنانين ملهمين طافوا العالم بأعمالهم الإبداعية فحطوا في محيط الجاليري الأنيق بالدوحة الذي يعمل لتفجير الطاقات الإبداعية وتشكيل الذائقة وتحريض الشأن الثقافي ودعمه وتغذيته بالتجارب المتنوعة في بوتقة الثقافة، وخلق توليفة انسجامية مع التشكيليين القطريين الذين يحرصون على متابعة فعالياته، والتي تفرد لهم مساحات للعروض الفنية الملهمة ، حيث احتضن سابقاً معرض التشكيلية أمل العاثم ” جاذبية ” ومعرض ثنائي مع الفنان علي حسن، كما استضاف النحات العراقي المعروف أحمد البحراني.
وكان جاليري انيما شارك في معرض ارت 16 الذي يعدّ من أبرز الأحداث الثقافية التي تشهدها العاصمة البريطانية لندن بمشاركة أكثر من 30 دولة بقرابة اأف عمل ولوحة معلقة بثلاثة فنانين تشكيلينن هم القطري علي حسن الجابر، واللبناني سعيد يعلبكي، والألماني بيتر زيمرمان، وما زال محيطة ينضح بالجمال والحلم الباذخ .
- علامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر