ليأتي علي ابراهيم (عاكير) للدنيا اجتمع شرق السودان وشماله كما اجتمعت لعكير لاحقاً الحداثة والعراقة، فالرجل والده بجاوي ووالدته من دار جعل منطقة الدامر التي ارتبطت بأسمه لاحقاً فأصبحت له متلازمة.
ولد بها في العام ١٩٠٦م، وحفظ القرآن في نير المجاذيب ينتقل لاحقا لكلية غردون التذكارية(جامعة الخرطوم)، ويتخرج فيها محاسباً يجيد الانجليزية إجادة اهلته ليكون مترجماً بجانب اللغة البجاوية كلغة اب والعربية لغة ام ثالوث لساني رائع يتنقل فيه عكير، كما يتنقل صاحب البستان بين دوحه المثمر وكان مهندماً جداً يشوشاً، عليه شاربه الكث وبداوة تبدو علي سيمائه.
ويحكي انه كان يجالس مع صديقه البجاوي صاحب بوتيك شهير في الدامر، وبينما هم كذلك جاءت نسوة مثقفات سخرن من عكير وقريبه البجاوي باللغة الانجليزية، فحين أكملن سخريتهن وضحكن رد عليهن عكير بانجليزية فصيحة بان العلم لا يدرس للسخرية، ففغرن افواههن بعد ان علمن انهن ضحكن من حالتهن بعدها التفت عكير للبجاوي الذي لا يعرف الانجليزية ففهمه ما دار من حديث باللغة البجاويه كأنما يقول للفتيات: بامكاني ان افعل ساخرا منكن بلغتي البجاوية التي تجهلنها كما فعلتن ولكن اخلاقي تمنع رسالة تحمل تواضعا وهجاء لكل متعجرف ان (حفظت شيئا وغابت عنك اشياء ) كلمة عكير التي تعني الخير في لغة البجا كانت المفتاح لنفس ملؤها الخير، فعكير الدامر رمز من رموز الادب والحداثة والترجمة والانصارية والقضاء الشعبي وعرفاني مجالس اولياء وعارف بهم من الدرجة الاولي وكريم وفكه
يجاوز بين العامية والفصحي كما تمتزج الصهباء بالماء ما يعني ان عكيرا رسي عنده الادب والشعر استوقفني في هذا الانصاري العرفاني الشاعر انه كان يجيد الوصف بصورة محيرة وقفت له علي مربعات ادبية الجامع بينها الايدي النديات الاوليين نداوة الندي (الكرم )والاخيرة نداوة الرقة يد بضة كادت ان تهلكه
سأتناول هنا مقاطعه الثلاث
الاولي في مدح الامام عبد الرحمن المهدي يقول فيها :
تسلم يا الزعيم ياالتلفي ساعة العتره
ياجبل الضرا الري نهار الختره
عندك طبعه وكتين تدي ايدك تتري
زي ورق الاراك الشم ريحة النتره
المقطع الثاني من قصيدته المبكية التي نظمها طلبا لشفاء صديقه احمد علي كمبال (ود البيه) معرفا به ففيها يقول :
منو الهجعة للتايه غريب بتلفت
اكسير الضرا الليهو الشوارع لفت
باهل رزقو رحمن القلوب الخفت
ايدو بشاير الطرفه ام بروقا رفت .
لم ينس عكير معاشر العشاق كيف ذا و(العاشقون رفاق) فهاهو يقول في قصيدته الجميلة المغناه (يا مولاي اه من غلبي ) عكير المحب واصف اليد الطري يقول محدثا عن وضعه ذات لقاء ومصافحة :
ختت ايدا فوق ايدي انجذبت خدرت
حبيت امشي من كتر الطرب ماقدرت
بقت الحنه بين ايدي وايدا اندرت
لو ما الحنه بيني وبينا كنت ودرتا
عكير غريب الاطوار جعل الطرب في يده لافي السمع ولا الوعي والجنان لعمري هذا من غريب الوصف حبيت امشي من كتر الطرب ما قدرت (كتفو الطرب )
هذه دفقة ضوء علي شاعرنا الضخم عكير الدامر رحمه الله رحمة واسعة ولازالت دامر المجذوب تعطي (الجميل المبتكر من فلذات اكبادها ) بحسب ظريف مدينتها الحكيم الراهن ، الدامر مجتمع يحتضن كل الاعراق يجليها ولا يذوبها فقد منحت المدينة اسمها وشاحا للبجة في حالة شاعرنا ذا الذي انتقل في العام ١٩٩٠ بعد حياة حافلة من الجمال والاشراق.