قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن مرآة أخيه المؤمن”.
وأيضاً قيل: الوجه كالمرآة يعكس ما بالدواخل، إذا كانت سعادة تري الوجه يضيء وينطق والعيون تتلألأ، والخدود تتورد، عكس الإحساس الآخر الذي يبرز الهم والحزن والتعاسة، حمانا الله، وإياكم.
أحبتي الأعزاء:
لم تتوقف دهشة الإنسان عندما رأى صورته في صفحة المياه الساكنة، فازداد شغفه بالمرآة، فأصبحت لها سطوتها الخاصة، فهي الأكثر حضوراً في كل مكان، كالمنازل، والقاعات، والفنادق، حتى المصاعد.
وأصبحت المرآة من المستلزمات الأساسية، وخاصة بالنسبة إلى النساء، فلا تخلو حقيبة يد نسائية من قطعه أو قطعتين من المرايا الأنيقة.
هوس الناس بالمرآة سببه حبهم لأنفسهم، حتى أصبحوا لا يفوتون سطحاً عاكسا إلا ونظروا فيه، فرغبة النظر إلى المرآة لا تقاوم.
وهنا تحضرني الأسطورة اليونانية التي تروي حكاية نرسيس الذي هام بنفسه، وشغف بها، ومن فرط هيامه بشكله ووسامته، بدأ يمضي نهاره يتأمل جمال نفسه في سطح ماء البحيرة حتى سقط فيها، فتحول الى زهرة النرجس الجميلة. ومن هذه الأسطورة أخذ مصطلح النرجسية المعروف.
أحبتي القراء الأعزاء:
لنا في كل موضوع وقفة تأمل… أو حكمة للتعلم فعلمت من هذا السطح اللامع العاكس
أنه مما لا يحمد عقباه، ولا فائدة لمبتغاه؛ تبدل الوجوه، وتغير الأنفس، فنحن حين نقف أمام المرآة نرى وجها واحدا نحبه، ونحب أن يكون الأجمل دائماً، فكم هو جميل أن نري الناس أجمل ما في دواخلنا دون أن نبدلها أو نغيرها لنصنع بصمة خلقية طيبة الأثر.
علمني السطح العاكس المصقول:
كلما تلبدت سماوات حياتنا بغيوم الصعاب التي قد ترهقنا، علينا ألا ننتظر تراكمها فيصعب إزالتها، فينبغي التخطيط بالاستمرار لتبديدها لنضفي على حياتنا الدعة والسرور، فنحن حين نقابل مرآة لا نشعر براحة مما ترينا إياه إلا إذا كانت نقيه صافية، فابتر من حياتك كل ما يقلقها، وازح عنها غبار الهموم.
علمتني المرآة:
قراراتنا مرآة كبيرة لحياتنا، فما نتخذه من قرار هو ما ينعكس على حياتنا، تماماً كما لو وقفنا أمام مرآة نرى حقيقة واحدة، فلكي نجعل حياتنا أجمل لا بد أن تكون قراراتنا مدروسة، فحياتك من صنع قراراتك.
علمتني المرآة:
ما أعظم النظام الذي خُلق به الكون! وأي عبث به لن ترضيك نتيجته، فإن عبثت بوقتك ستندم على فواته، وإن عبثت بصحتك ستقاسي من المرض، وهكذا.
وتعلمنا المرآة أننا لو عبثنا بها وانكسرت، فلن تعكس لنا إلا وجهاً مشوهاً، فليكن مسارك صحيحاً.. عش حياتك بنظام.
علمني السطح العاكس:
كيفما تشكلت وتهندست الزوايا فالمهمة واحدة والهدف واحد، وكذلك نحن ينبغي أن يكون لنا هدف محدد نسعى إلى بلوغه مهما تبدلت هندسة محطات حياتنا، فكن عزيزي القارئ كالغصن ليناً وميساناً، ولا تنكسر.. وكالمرآة صفاءً وبهاءً لتعكس ما في دواخلك بكل صدق ونقاء.
لكم مودتي واحترامي.