بتاريخ 29 ديسمبر 2014م ، ورداً على تساؤل الأستاذ الطاهر حسن التوم حول وجوب التخصص في مجال عمله، قال وزير الكهرباء معتز موسى في الدقيقة الثانية من الحوار : “أي دولة في طور البناء تكون الاستثناءات هي السائدة، والبلد في حالة النشوء والتطور يكون المهندس طبيب، والطبيب يعمل في محطة الوقود، وكل الناس في همة عالية يحاولوا يسدوا الفرقة والبلد تمشي لي قدام، لاحوجة للتخصصات حتى تستقر البلد”، و بذلك فلا لأحد رفع حاجب الدهشة لتعيين ضياء الدين محمد عبد القادر أميناً عاماً لمجلس الوزراء القومىي، فهذه قناعة السيد رئيس الوزراء، و ليس عليه من حرج فى ضرب عرض الحائط بكل المتعارف عليه فى مجال التخصص الأكاديمي فى العلوم التطبيقية و النظرية، ولا غرو فهو يعتقد أن مرحلة البناء (كما يحدث الآن)، يكون فيها المساح مديراً مالياً، و فني الديكور مدير إدارة هندسية، أو أميناً عاماً لمجلس الوزراء و خريج اللغة الإنجليزية مديراً للجودة.
ضياء عمل بوحدة تنفيذ السدود في وظيفة منسق اجتماعات ومؤتمرات، ثم عمل بوحدة السدود مديراً لإدارة المعلومات بعد حل الهيئة القومية للكهرباء، ثم عمل مديراً للإدارة العامة للموارد المائية والبشرية، أخيراً عمل مديراً عاماً للشركة السودانية للحفريات التابعة لوزارة الرى والموارد المائية والكهرباء، وهي شركة أنشئت حديثاً ولم تحفر شيئاً، و لم تشهد الوزارة فى عهده حسب تقاير الأداء الذي نظرته لجنة إصلاح اجهزة الدولة أي تطور يذكر، بل شهدت إدارته للشؤون المالية -حسب آخر تقرير للمراجع القومي- فشلاً فى تنفيذ الأعمال و تجاوزاً فى القوانين، جاء فى تقرير المراجع القومى فى فقرة مراجعة الالتزام على مشتريات الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء ما يأتي: “تم الوقوف على حالات عدم الالتزام بقانون الشراء والتعاقد لسنة 2010م، ولائحة الشراء و التعاقد لسنة 2011م ،و الدليل الشامل لإجراءات الشراء و التعاقد لعام 2013م، ومرشد المشتريات و قرارات اللجان”، و يتمثل ذلك فى عدم الحصول على أفضل الاسعار، وعلى الجودة لغياب المنافسة، والفشل فى تنفيذ الأعمال فى الزمن المحدد، وشراء بعض السلع بدون طرحها فى مناقصات عامة، و التعاقد مع شركات غير مؤهلة؛ مما أدى إلى تأخير تنفيذ الأعمال، وعدم التزام إدارة العقود بالشركة بالقوانين واللوائح والمنشورات ذات الصلة، ولا يتم احتساب غرامات على التأخير في التنفيذ حسب الشروط الواردة بالعقد، وعدم وجود سجل كامل للشراء ،فالرجل بهذا السجل المتواضع لا يعقل أن يعين في أهم منصب بمجلس الوزراء، مسؤول عن ضبط العلاقة بين الوزارات ووضع الأجندات والأولويات.
لاحظ كثيرون أن التغييرات التى طالت وكلاء كل الوزارات دفعة واحدة، ركزت في المنوال نفسه، وهو تقديم من كانوا فى التنظيمات الطلابية والشبابية و مجندى الخدمة الإلزامية و الدفاع الشعبى، وهم اللذين شكلوا غالب ملاك وحدة تنفيذ السدود سابقاً، و فيما بعد وزارة السدود، ثم وزارة الموارد المائية و الكهرباء، هكذا يزج رئيس الوزراء ببطانته فى مرافق الدولة فيما يمكن تسميته بصفحة التمكين الثانية، هذه المرة معتز يمكن لنفسه ولرهطه القادمين من وحدة السدود التي لم تكن تخضع لأي قانون في البلاد، كأن امرهم (شورى) بينهم، وقسمة ضيزى في أمر الوطن، ربما يتطلع الرجل للمنصب الأول فى الدولة ولو بعد حين.
مجلس الوزراء بعد أن كان راتباً للانعقاد كل أسبوع، لم يجتمع منذ شهر، والوزراء كأنما مسهم السحر، أو نزلت عليهم نازلة، غائبون تماماً، أوو ربما مغيبون، وزير الاعلام وهو الناطق الرسمي باسم الحكومة لم ينطق منذ تعيينه إلا مرة واحدة، ولم يفتح الله عليه بكلمة واحدة عما يجري في البلاد؛ مما جعل الناس يتحسرون علي عهد أحمد بلال، ربما الوزراء منشغلون بمؤتمر الحركة الإسلامية، أو الدورة المدرسية، أو (حردانين).
الطريقة التي يدير بها رئيس الوزاء الحكومة والتغييرات التي أجراها في هياكل الوزارات والمرافق الحكومية، ربما تشير اإلى ولادة دكتاتورية ناعمة لن تلبث إلا قليلاً، وسرعان ما ستكشر عن أنيابها. كنت اود الاستمرار في تقليب الدفاتر مع معتز، الحقيقة أن تعيين ضياء أصابني بالصدمة، وقطع علي سلسلة دفتر الإيرادات البترولية.
غداً نواصل معكم دفتر الإيرادات البترولية إن لم يفاجئنا السيد رئيس الوزراء بمسؤول جديد يحمل مؤهلات مثل التي يحملها ضياء.