يحيى مختار
صدر حديثا للأديب النوبى يحيى مختار رواية “مرافئ الروح” عن سلسلة كتاب اليوم.
ويعدّ هذا الأديب من أميز كتاب النوبة الذين يكتبون عن النوبة قبل التهجير وبعده؛ لانها حاضرة في كيانه وفكره وإبداعاته، فمنذ ان ولد ببلاد النوبة القديمة بقرية الجنينة، ثم رحل الى القاهرة، وهو لا يتقن العربية، إذ كانت لغته هى النوبية، وقبل ان يلتحق بالمدرسة، ومن أجل أن يتعلم اللغة العربية دخل كُتّاباً يديره شيخ ضرير ،وعن طريق قراءة القرآن الكريم وحفظه، أتقن اللغة العربية، إلى جانب حبه للقراءة العامة، فقرأ الاهرام وروايات الجبب، وأجاثا كريستي، وأرسين لوبين.
أنهى مراحله التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية، ثم التحق بقسم الصحافة بجامعة القاهرة، وتفتحت له عوالم قراءة جديدة، فإلى جانب الأدب، قرأ التاريخ والفلسفة، وتعرف إلى الفكر الاشتراكي والماركسي، ثم كتب يحيى مختار أولى قصصه القصيرة باسم “البناء” في عام ١٩٥٧م، وتم نشرها فى مجلة الجامعة، وهو طالب، ثم قصة أخرى بعنوان”قطة من العصر المملوكي”، وكانت احداثها تدور حول النكسة، وقد تم نشرها بجريدة المساء في عام ١٩٦٩م، ثم كانت اول قصة تتحدث عن النوبة في عام ١٩٧٠م، وهى تعدّ أول قصة نوبية بعد رواية الشمندورة للروائي محمد خليل قاسم، ولكن تأخر نشرها حتى عام ١٩٧٣م في الملحق الأدبي لمجلة الطليعة، ثم “حكايات النسيان” فى مجلة صباح الخير في عام ١٩٨١م.
ونشر له جمال الغيطاني قصة بجريدة الأدب في عام ١٩٨٥م، وكتب قصصاً أخرى، حتى تكونت له مجموعة قصصية بعنوان “عروس النيل” فكان أول انتاجه الأدبي، ولم يتم نشرها عدة سنوات حتى نشرها له جمال الغيطاني ضمن إصدارات مؤسسة الأخبار؛ ليحصل بها على جائزة الدولة التشجيعية في عام ١٩٩٢م، فكان ذلك حافزاً له لينشر مجموعة قصصية ثانية بعنوان “ماء الحياة” عن دار سعاد الصباح.
وفى عام ١٩٩٧م، صدرت له “كويلا” فى سلسلة أصوات أدبية، التي كان يرأس تحريرها محمد البساطي، وكانت هذه المجموعات القصصية الثلاث تحتوى على كثير من المفردات المتداولة في اللغة النوبية، وبها رصد للهوية النوبية، وسمات الشخصية النوبية الإيجابية والسلبية، ثم صدر له جبال الكحل عن دار الهلال في عام ٢٠٠١م، ثم رواية “مرافئ الروح” عن دار مريت في عام ٢٠٠٤م، ثم المجموعة القصصية اندو ماندو، وهي تعني بالعربية “هنا وهناك”.
وفي عام ٢٠٠٩م صدرت رواية “مرافئ الروح” عن دار الكتب خانة، وفي نوفمبر ٢٠١٨ صدرت للمرة الثانية ضمن سلسلة كتاب اليوم، وهي تدور حول النوبة والتهجير وقريته الجنينة والشباك، متمثلة في بطل الرواية الشيخ سلامة الضرير.
ويؤكد يحيى مختار فى هذه الرواية كما قال عنه الروائي الكبير جمال الغيطاني: “دائماً وأبداً ببساطة وقوة يأخذنا يحيى مختار إلى عالم خاص، إلى عالم النوبة، هذه البلاد الجنوبية النى عاشت منطوية على نفسها قروناً طويلة، وقد تأثرت بمشاريع الري الحديثة، خاصة بعد إنشاء خزان أسوان والسد العالي، فتعرض أهلها لأكبر عملية تهجير، وفد صاحب هذا التهجير إلى الشمال عملية فقدان بطيئة للهوية للغة للعادات، وللعمارة الجميلة المرصعة بالنفوش، التي بهرتنا لمنظومة كاملة من العادات والتقاليد لذاكرة جماعية موغلة في التاريخ آلاف السنين، وأدب يحيى مختار يستوحي هذه الذاكرة، ويحغظها من الاندثار، ويعبر بقوة بلغة شاعرية جميلة عن هذا العالم الخاص الذي كان والذي ما زال يقاوم ويحاول البقاء عل خصائصه، كما يركز فى كتاباته على الإنسان، ومن خلال إيغاله فى النفس الإنسانية، فهو يلتقط الشخصيات الهامشية فى النوبة للنفاذ منها إلى جوهر الحقيقة الإنسانية؛ بما تتصمنه من رقة وعنف”.
ويقول مختار: “أحاول أن أستعيد النوبة بأصولها وجذورها وتاريخها العميق في كتاباتي؛ حتى أدخلها في نسيج المواطنة المصرية وأحييها حتى تعيش في ذاكرتي أو في ذاكرة من يتلقون أعمالي”.