في كل جريمة أبحث عن صاحب المصلحة من ورائها. تلك هي القاعدة الذهبية للتحري في كل الجرائم التي لا يعرف مرتكبوها..
أبحث عن كل جريمة وفعل قبيح وأي خراب منذ ثلاثين عام ستجد أن الكيزان وراء كل كارثة تحدث، وكل أمر قبيح يقع في السودان.
هناك كثير من القرائن التي تؤكد أن العقول الخربة التي لا تعلم وإنما تدعى المعرفة وبسبب ذلك حطمت الدولة بحجة التمكين وتجلس الآن على كومة من الخراب يمكنها أن ترتكب أي جريمة ولا تتردد في ذلك أبداً..
يمكنها أن تحرق سوق أم درمان بكل بساطة وتحرق كل الأسواق، وما الذي يمكن أن يعصمها عن فعل ذلك.. هل ستعصمها مثلاً الأخلاق أو الضمائر أو الحياء أو الإيمان أو قيم الشعب السوداني.. ماذا يمكن أن يجعلها تتردد في ارتكاب أي جريمة فردية او جماعية طالما أن لها مصلحة فى تلك الجريمة..
الحكومة تجاوزت في السوء مرحلة أن تعالج مشكلات الاقتصاد بالطرق المعروفة الواضحة، التي تتطلب الافتصاص من الفساد واسترجاع المال المنهوب وإعادة الدولة التىي كانت قبل الانقلاب، وإعادة حاكمية الدولة ومؤسساتها. الحكومة لا تستطيع مواجهة المتسببين الحقيقيين في الخراب الوطني، ولذلك فهى تلجأ إلى معالجة مظاهر أسباب فشلها بالمزيد من التضييق على الشعب..
وفي جريمة حريق سوق أم درمان تعلم الحكومة من خلال أمنها حجم المال في المكان، وهو مال خارج البنوك. وهو مال تحرر من سيطرة الحكومة وأصبح في أيدى الشعب يديرون به شؤونهم وحياتهم التي أصبحت للاسف بائسة وبطريقة شبه مستقلة عن سيطرة الحكومة وجباياتها وسطوة بنوكها، لكن ذلك يسيء إلى الحكومة حسب فهمها، ويحجب عنها المال، ولم تشأ ان تتفرج على النقد يدار خارج إطار سيطرتها بعد أن عجزت عن إعادته بإرادة أهل المال، ومن خلال إجراءات مالية واقتصادية تعيد الثقة في البنوك، وفي الحكومة نفسها.
بعد ان فشلت الحكومة فى التعامل مع المقومات الحقيقية للاقتصاد، فإنها للأسف قررت ان تلجأ إلى الأسلوب الأسهل وقصير الأثر وهو محاولة السيطرة على العملة التي في أيدي الشعب بالقوة، أو إبادتها حتى تقلل الكتلة النقدية الكبيرة خارج البنوك، كأسلوب لمحاصرة وتيرة التضخم المتسارعة كل ساعة..
هناك أيضا مافيا الأراضي والاستثمار في العقارات الضخمة، التي تقف وراءها عناصر متنفذة في التنظيم، وحتى جهاز الأمن الوطني الذي أصبح يدخل كمستثمر أساسي في كثير من المجالات، ويسيطر على مفاصل الاقتصاد، ويتحكم في كل تفاصيل الدولة، و‘دارة شؤون مؤسساتها، وبالتالي، فإن أمثال هذه الجرائم التي تقف من ورائها هذه الحكومة، وكوادرها، ودولتها الفاشلة ستتواصل..
الحكومة بكل بساطة تعالج مظاهر فشلها بالمزيد من الإجراءات البليدة، وبالمزيد من ارتكاب الجرائم بحق الشعب، التى لن تجدى فى مواجهة اقتصاد وصل حد الانهيار.