قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (يونس:67).
وقد وردت آيات الليل في القرآن الكريم اثنتين وتسعين مرة، وذلك لعظمتها وسرها الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
والليل آية عظيمة تدعو إلى التأمل في قدرة وعظمة خلقه.
أحبتي القراء الأعزاء :
الليل نعمة من نعم الله علينا، فيه راحة الأبدان والنفوس من عناء يوم طويل، والاعضاء والجوارح، تكل من كثرة الحركة لولا تداركتنا عناية الرحمن بآية الليل؛ لكي تكبح جماح النهار .
والليل يحمل الرحمة، والسكون، والاطمئنان، ويجب ألا نغفل عن هذه النعمة. فبعض الناس يحاولون تغيير وتبديل أنشطتهم في هاتين الآيتين(الليل والنهار) في غير ضرورة، مثلاً نوم الليل وراحته لا يعوضان بنوم النهار، ولو نام المساهر النهار كله؛ لأن الليل بظلمته التي أكسبها الله له فيها سر دفين.
وأكدت الدراسات أن النوم في الظلام يحسّن جهاز المناعة، ويؤدي اإلى زيادة مخزون الطاقة، ويجدد الخلايا، ويساعد على تخلص الدم من السموم، واسترخاء البدن وهدوء الأعصاب، كما يريح العينين، ويجدد الخلايا التالفة.
سبحان الله، نعمه لا تعد ولا تحصى. وقيل نوم ساعة قبل منتصف الليل يعادل ثلاث ساعات من النوم بعده.
أحبتي القراء الأعزاء :-
الليل وقت جميل، سكون، وهدوء للمتقين القائمين نعمة. وركعة ومناجاة وكلمة، اذا ما الليل أظلم كابدوه، فيسفر عنهم وهم ركوع
إطار الخوف نومهم فقاموا والأهل الأمن في الدنيا هجوع.. ما رأيت شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل.
وللمحبين الذين طال بهم النوى، وعصفت بهم جوى.. طويل، مقلق، مؤرق، كما قال الشاعر فاروق جويدة:
ويسألني الليل أبن الرفاق
واين رحيق المنى والسنين
وأين النجوم تناجيك عشقا
وتسكب في راحتيك الحنين.
كما قال المتنبي :
ليالي بعد الظاعنين شكول
طوال وليل العاشقين طويل
فلذا أحبتي القراء أصحاب الليل، وكل يغني على ليلاه.
علمني الليل أن هناك نجوماً كثيرة يحتضنها نور الصباح، وتشغلنا عنها تصاريف الحياة، فتبدو غير مرئية، ويخفيها الأفق بقصد أو بغير قصد.. وما يسدل استاره ويرخي علينا بجناحيه، تتلالا هذه النجوم معلنة عن وجودها بجمالها الأخاذ… فكن كالليل في مساعدة ما حولك من النجوم على الظهور.
علمني الليل، بأنه الوقت الأنسب للنوم والاسترخاء، والانفراد بالذات، فبهدوئه سحر جميل، وما أجملك أيها الإنسان أن استطعت امتلاك هذا السحر الرائع.
علمني الليل بأن وجوده يضفي لونا آخر على الألوان نفسها، وشكلا آخر على الأشكال ذاتها، فهنيئًا لمن يضفي وجوده جمالا آخر فوق الجمال للمكان والزمان الذي يكون موجوداً به.
كما علمني الليل، غالباً ما يرتبط بتدبر القرآن، والدعاء الصادق، وقيام الليل. وانت القارئ الكريم فكر وتدبر جيدً،ا كيف يمكن ربط كل ماهو جميل في هذه الحياة بك انت ايها المتفكر.
الليل يستر الناس بظلامه الدامس، فيتحول إلى نعمة لدى بعضهم، فإذا كان الليل يقوم بذلك فلماذا يفضح بعضنا بعضاً.
علمني الليل، بأن هناك كثيراً من النجوم في سمائه، ولكن قمراً واحداً لا غير لا يمكن مقارنته بتلك النجوم. في هذه الحياة لا بد لك أيها القارئ الفطن أن يكون لك قمر واحد مخلص له، وأن تكون انت القمر الأوحد في حياة بعضهم.
تعلمت من الليل إن أيامه لا تتشابه، فهناك ليلة مقمرة وأخرى مظلمه، وهنالك ليلة ملبدة بالغيوم لا نرى فيها النجوم، وهناك النقيض تماماً، كما علمني أيضا بأن هناك ليلة مميزة جداً ينتظرها كثيرون عندما يكون فيها القمر بدراً.. فلنسع جاهدين محاولين أن نجعل معظم أيامنا كتلك الليلة المميزه.
أحبتي القراء الرائعون.
مهما أحاط السواد بك كن كهذا النور الذي أكد لي بأن الكيف أهم من الكم، فعلى الرغم من كثرة السواد الا ان النور له الكلمه الفصل.
ومهما مررت بظلمة المصاعب تأكد أن هناك ممراً منيراً للتغلب عليها، فقط، فتش عنه.
سكون الليل غالباً ما يوقد بعض الشموع في القلب والعقل، نتذكر نتفكر نتدبر، ولنتاكد بأن الليل وحده من يفعل بنا كل ذلك…
فالليل آية سرها عظيم نسأل الله أن نكون من المتدبرين في آياته تعالى.