الخرطوم – التحرير:
قبل أن تجف دموع التجار الذين التهمت متاجرهم ألسنة اللهب بداية الأسبوع الماضية في الحريق الشهير بسوق أم درمان، ذرف تجار آخرون الدموع بسبب مطاردتهم بحملات وصفوها بالمسعورة شنتها محلية أم درمان على الباعة (الفريشة)، وأصحاب العرض الخارجي، وبائعات الشاي، والأطعمة بالسوق تحت دعاوى التنظيم.
انتقام وليس تنظيماً:
شكاوى تلك الفئات لم تنقطع منذ بداية الحملة والمصادرات التي تمت لمعدات عملهم، وتوقيف بعضهم، فهي باتت حملات أشبه بمداهمة البيوت المشبوهة التي تقوم بها شرطة النظام العام حسبما يصفها (الفريشة) بسوق أم درمان، حيث تشن الحملة بشكل أقرب إلى الانتقام منه إلى التنظيم داخل السوق بمبررات ربما هي منطقية لا ينكرها التجار لكنهم يطالبون بوضع حلول للأوضاع المشوهة، بدلاً من الملاحقة والكشات عبر الشرطة، فهي إجراءات أمنية لا تقدم حلولاً مستقبلية لتنظيم السوق حسب ما هو معلن في آخر اجتماع جمع قادة المحلية بوزير التخطيط العمراني.
مطاردة داخل الأزقة:
ومع أن الحكومة كانت قد أعلنت وقف (الكشات) والمطاردات لأصحاب المهن البسيطة، إلا أنها وحسبما رصدت (التحرير) استمرت في شن تلك الحملات، وبطريقة أفظع مما كانت عليه في السابق، إذ إنها تلاحق كل من يعرض بضاعته على الأرض، أو من تقوم ببيع الشاي حتى ولو داخل (زقاق ) صغير من أزقة أم درمان والمحليات الأخرى.
وقال بائع اقمشة: “إن الظروف الاقتصادية الضاغطة وحدها هي التي أجبرتتنا على ترك الوظيفة غير المجزية، ودفعت بنا إلى السوق؛ لنواجه أوضاعاً صعبة ومطاردة يومية داخل أزقة سوق أم درمان التي ضاقت بالمطاردين المغضوب عليهم “.
كبش فداء لأخطاء حكومية:
ويقول بائع الملابس الجاهزة صلاح عبد الرحمن: “إن المحلية شنت علينا حملة لم نشهدها من قبل، وما يحدث من قبل المحليه حرب عشواء على لقمة العيش التي يبحث عنها الناس داخل السوق”، وأشار إلى أن مبررات المعتمد لتأهيل السوق غير مقنعة، مع العلم أنه كان قد أرجع تفاقم حريق سوق أم درمان إلى ضيق الشوارع، ووجود الزنك الطائر بالمحلات التجارية، ما منع عربات المطافئ من الدخول لاحتواء الحريق في الوقت المناسب، وقال” “ليس هذا سبباً كافياً لشن الحرب على (الفريشة)، ومن الأفضل أن يكون التوجه إلى وضع حلول للباعة الجائلين حتى لا يصبحوا كبش فداء لأخطاء حكومية”.
إثبات للذات:
ووصف هيثم الرضي أحد (الفريشة) ما قام به المعتمد من حملات متكررة للسوق هو مجرد إثبات للذات، بعد الفشل في احتواء الحريق بالصورة المطلوبة، وقال: “إن الأخطاء الفادحة دفع ثمنها التجار عامة، ولا يمكن أن يتحمل نتائجها (الفريشة)” .
صراع من أجل البقاء:
مرتضى أحمد (صاحب محل تحويل رصيد) يقول: “نعمل في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وحريق سوق أم درمان الشهير زاد من معاناتنا، والمحلية استغلت الوضع، وقامت بحملات متكررة بغرض التنظيم على حد تعبيرها دون أن تراعي حجم الضرر لمن يعملون بالسوق، وكان الأجدى أن تقوم بدراسة شاملة لمن يعملون بالسوق”، ونوه إلى أنهم يعملون من أجل البقاء.
حلول بديلة
انتقد البائع بالسوق جابر الفكي سياسة المحلية الأخيرة واصفاً قراراتها بالصعبة؛ لافتاً إلى أنهم يعملون في ظروف سئية، ووضع لا يحتمل، وطالب بضروره ايجاد حلول بديلة للعاملين بالسوق.