خوض المعارك يحتاج الي سلاح ولكن الانتصار فيها يحتاج الي عقول:
ما جرى في اديس ابابا من الثامن الي الثالث عشر من ديسمبر الحالي معركة بكل المقاييس أطرافها عناصر سودانية و إقليمية ودولية استخدمت فيها كل انواع الأسلحة حتي المحرمة منها:
١/ الحكومة هي الطرف الأساسي حضرت الي اديس بجيش جرار من الوزراء والمفاوضين، وكثير من عناصر جهاز الأمن والصحفيين والمسهلين يتقدمهم عبدالرحمن الصادق المهدي وصديق ودعة. هدف الحكومة هو تحطيم نداء السودان وإحداث انقسام فيه علي اقل تقدير.
٢/ الطرف الثاني هو نداء السودان الذي حضر الى اديس انطلاقاً من مسؤوليته الوطنية بحثاً عن تسوية سياسية شاملة تحقق السلام الدائم، وتنقل البلاد الي وضع انتقالي كامل يفضي الى تحول ديمقراطي، واستشعاراً منها لمعاناة شعبنا جراء أزمة اقتصادية طاحنة لم يشهد لها التاريخ مثيل وهي نتاج للازمة السياسية بهذه الرؤية حضرت قيادة نداء السودان هدفها تحقيق تسوية سياسية تنقذ بها البلاد من خطر التشظي والانهيار.
٣/ الآلية الافريقية رفيعة المستوي هي الوسيط المعتمد من الاتحاد الافريقي و مجلس الأمن الدولي والمدعوم من المجتمع الدولي للتوسط بين الفرقاء السودانيين لايجاد حل للازمة السودانية، وهي صاحبة الدعوة للقاء التشاوري المزمع عقدة من ٨ الي ١٣ ديسمبر، وذلك بعد مراسلات بين الآلية ورئيس نداء السودان ابتدرها رئيس الآلية الرئيس ثامبو أمبيكي برسالة أرسلت في يوم ٢٥ ديسمبر يدعوا فيها لعقد لقاءات تشاورية مع الآلية ورد رئيس نداء السودان بالموافقة وذلك بعد مشاورة قيادة نداء السودان ممثله في المجلس الرئاسي والمجلس القيادي
وتم اختيار وفد مكون من ١٤ مفاوضاً يقودهم رئيس نداء السودان والامين العام .
٤/ هل دعت الآلية نداء السودان للمشاركة في اللقاء التشاوري ام لا؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب الإشارة اولاً إلى ان خارطة الطريق محل الدعوة والمشاورات كان قد تم عرضها في الاجتماع التشاوري الإستراتيجي في مارس ٢٠١٦ بغرض إنتاج حوار شامل من حيث الموضوعات والمشاركين لان حوار الوثبة لم يكن شاملاً، فبهذا المنطق تكون خارطة الطريق وثيقة مفتوحة لكل الراغبين في إلانضمام اليها وهي ليست نادياً للمؤسسين .
وعندها قد تم التوقيع عليها من قبل أطراف إنابة عن نداء السودان وبعد هيكلة نداء السودان قد تم مخاطبة الآلية بذلك ووعدت بأن كل تعاملاتها المستقبلية سوف تكون مع نداء السودان، بعد هذه المقدمة الضرورية نجيب عن السؤال نعم قدمت الآلية الدعوة لنداء السودان، وحضر وفد مكون من كل الكتل المكونة لنداء السودان علي نفقة الآلية الافريقية، وأقام في اديس علي نفقة الآلية الافريقية حتي بعض زملائنا أرسلت لهم تذاكر كان بها خطأ في الاسم او مكان السفر فأرسلت لهم الآلية تذاكر جديدة لكي يلحقوا بوفد نداء السودان، وهم الأساتذة التوم هجو ومحمد داود السؤال الأهم لماذا تنصلت الآلية من دعوتها وما الذي جرى ؟
الشاهد هو ان الحكومة السودانية غير راغبة في إحداث اي تسوية سياسية للأزمة، وتعمل علي إضاعة الوقت حتي تعبر إلى ٢٠٢٠ بعد ان بدأت في إجراءات تعديل الدستور لتمكين البشير حاكماً مدى الحياة، وعليه مارست ضغوطاً على الآلية لافتعال معركة إجرائية تفشل المشاورات مع نداء السودان، وذلك لان نداء السودان باعتباره اكبر تحالف للمعارضة السودانية فهو يشكل بديلاً حقيقياً لنظامها المتهالك فجندت الآلية الإفريقية وبعض المسهلين واجهزتها الأمنية لزرع الفتنة لإحداث تصدع في نداء السودان.
٥/ المفاجأة التي تحتاج الي وقفة وتدقيق هي ظهور وفد للحركة الشعبية جناح الحلو في مقر المحادثات، المدهش هو بيان احد الناطقين الرسميين باسمها انهم حضروا لمناقشة خارطة الطريق في حين ان بيانهم بعد لقاء جوهانسبيرغ اقر بأنهم لا يعترفون بخارطة الطريق !
الامر لا يعدو ان يكون سوى انتهازية تناقض تصريحات الامس، ونتمني الا يقعوا فريسة سهلة في يد الحكومة تلعب بهم وتوظفهم لضرب المعارضة وتخريب تحالفاتها .
٦/ المهم جدا ما الذي خرج به نداء السودان من واقعة اديس ابابا يمكن إجمالها في الآتي :-
▪وحدة وتماسك نداء السودان: خرج نداء السودان اكثر تماسكاً وإصرارا علي انه جسم سياسي موحد، ولن يقبل لأى جهة ان تقسمه، وتختار مع من تتفاوض، وقيادته هي التي تختار من يمثل نداء السودان
▪الآلية الافريقية لم تعد وسيط مناسب لحل الأزمة السودانية.
▪النظام غير راغب في اى تسوية سياسية شامله تفضي الي تغيير حقيقي وهو يبحث عن تسويات جزئية تبقيه علي سدة الحكم
▪ توظيف كل إمكانيات نداء السودان من أجل التعبئة الجماهيرية لتغيير النظام والانفتاح علي قوى التغيير الاخرى، والتنسيق معها لتنظيم العمل الجماهيري وقيادته.