صورة قلمية- التحرير:
النقيب المتهم بالتصويب على محمد وصحبه
محمد عادل محمد صالح الشهير بـ (المصري) طالب بكلية العلوم في جامعة الخرطوم، التحق بها منذ 3 سنوات، وجاء إليها حاملاً أحلام أسرة بسيطة تريد أن تجد لها موطئ قدم في بلد ينتمون إليها كابراً عن كابر، ويعشقون ترابها، ويرونها جنة الله في أرضه، على الرغم من التضييق عليهم، بارتفاع الأسعار، وانتفاء الخدمات، حتى أصبح أهله يقومون مقام الدولة في توفيرها، وتهيئة سبل العيش الكريم، فاغترب معظم الرجال وهاجروا إلى فجاج الأرض، ورأس مالهم سمعتهم الطيبة، وإخلاصهم فيما يقومون به من أعمال.
وعلى الرغم من رهق الهجرة وقسوة البعد عن الوطن، إلا أنهم يصبرون أنفسهم بأن أبناءهم (محمد المصري وأنداده) هم استثمارهم الحقيقي للمستقبل، الذي يرونه أجمل، على الرغم من انسداد الأفق، وممارسة التمكين الذي يقصي البسطاء، ويرفع عديمي العلم والموهبة من أهل النفوذ والسلطة.
وعندما ضاقت السبل لم يجد محمد وزملاؤه في منارات العلم والتنوير بداً من الخروج إلى الشارع العريض معبرين عن سخطهم، وعن أملهم في غد أفضل لهم ولأسرهم، لعل أحداً يحس بمعاناتهم، ويشعر بما في حلوقهم من غصة، وهم يعيشون على هامش وطن هم فيه أصيلون وأصحاب حق.
وبدلاً من أن يستمعوا إليهم، ويعرفوا أسباب سخطهم وضيقهم، واجهوهم بالرصاص الحي الذي اخترق صدور كثيرين، بل إنهم أطلقوا قنابل مسيلة لا للدموع و‘إنما للدماء، فها هو زميل محمد (أبوبكر) الذي كان يجاوره في مظاهرات جامعة الخرطوم يفقد روحه، ويذهب شهيداً، ليوصد أمام أسرته باب من ابواب الأمل في غد أفضل، ويلطف الله بمحمد فيفقد إحدى يديه، ليفارق إمساك القلم الذي أتى به من قريته الوادعة إلى صخب العاصمة، ومتطلبات الحياة القاسية فيها، ليرافق الحزن أسرة حالمة، لتحرم عليهم السلطة الحلم بعد أن حرمت عليهم الخبز والوقود، وأصابت أكباد أهلهم وقلوبهم بالأدواء المميتة جراء سيانيد مصانع القطط السمان التي تنهب ثروات أرضهم من الذهب والمعادن النفيسة، وتعطيهم مقابل ذلك المرض والموت.
وها هو محمد المصري يمسك بالأمل والحلم، مؤكداً أن مسيرة الخلاص مستمرة، ويرسل إلى زملائه علامات النصر المبين بإذن الله، من أجل وطن فيه متسع لحلم البسطاء، ومجال لتحقيقه واقعاً يمشي، كأن لسان حاله وهو يرفع أصبعي اليد الثانية “وبأيدينا توهجت ضياءً وسلاحاً”، ليحفز كل محب للوطن، بأن الغد آت، وستشتعل الحقول “قمحاً ووعداً وتمني”.
نعم يا محمد القادم أجمل، وأمثالك من شباب الوطن هم من يحملون المشاعل التي تضيء الطريق إلى المستقبل، وما أصابك شيء من مهر هذا المستقبل المأمول، فهذا الوطن يستحق أن نعمل له، نفتديه بالغالي والثمين: (دينك كم علينا.. منك والدينا.. وأجمل ما لدينا.. من يوم السماية.. من قبل الفطام”.
وهذا الشاب الذي جاء إلى الحياة ولم يعرف نظاماً غير الإنقاذ مثال لشباب ظل كثيرون يرمونهم بكل نقيصة، إلا أنهم أكدوا بالفعل لا بالخطابة وتزويق الكلام أنهم زاد الوطن وزواده في رحلة الأمل إلى الغد، إلى وطن خير ديمقراطي.