انتبهوا لهذا الرجل القوي، لقد كاد أن ينضم إلي صفوف الجوعي، والثائرين، والمضطهدين، والغاضبين علي الإنقاذ.. إنه ينأي بنفسه رويداً رويداً عن ظلامات الحكومة، ويقترب رويداً رويداً من صفوف عامة الشعب.
النبرة التي تحدث بها (الفريق) حميدتي، أمس الثلاثاء، لدي استقباله كتيبةً من قواته العائدة من الحدود الليبية كانت نبرةً غاضبة، وساخطة، وحانقة علي كل التدابير الفاشلة التي اتخذتها الحكومة لمعالجة كلِّ الأوضاع المتردية إلي الحضيض !!
• الرجل بدوي، وبسيط، وفهمه لأحوال البلاد مثل فهمِنا، ومثل فهم كل إنسانٍ بسيط آخر في بلادنا وهو: أن الحكومة دوماً مسؤولةٌ عن أمن الناس، وعن صَون سلامة ممتلكاتهم، وعليه فليس مقبولاً أبداً أن تجرِّدهم -هذه الحكومة- من أسلحتهم -وبخاصة أهل الماشية- ثم تعجز عن توفير الأمن لهم ولماشيتهم.. يشير هنا إلي الحملة التي استخدمتهم فيها الحكومة لنزع أسلحة المواطنين بخاصة في ولايتي كردفان ودار فور ثم تركتهم نهباً للّصوص.. قول واحد..
• والرجل دُغري، ولا يعرفُ اللَّف والدوران، ولا (المَطْوَحة واللَّولَوَة) التي درجت عليها الحكومة.. كما أنه يفهم، مثلما كلنا نفهم، أن إيداع نقودنا بالبنوك مثلاً هو (أمانة الله والرسول) لدي هذه البنوك؛ أي هو كالوديعة المستردة لدي هذه البنوك، والمفروض أن أصحاب هذه الودائع يستطيعون استردادها متي شاؤوا، وكيفما شاؤوا، وعليه فإنَّ إمتناع البنوك عن رد (الودائع) لأصحابها -بحجة نقص السيولة، أو أي حجة أخري-غير مقبول نهائياً بحسب تعبير حميدتي..قول إتنين!!
• وهو يفهم مثلنا ومثل المتظاهرين ضد الحكومة أن معاش الناس، ويُسرَه، ووفرته من صميم واجبات الحكومة، وأن علي هذه الحكومة أن تنهض بهذا الواجب فوراً وحالاً..قول تلاتة..
• وهو يري، مثل عامة الشعب، أن الدولار في عهد هذه الحكومة يصبح كافراً ويُمسي أشد كُفراً وجبروتاً، وأن هناك من يتسبب في ذلك، وهم بعضُ المسؤولين -ووزراء، وأقرباء، وأشقاء، ومحاسيب- من داخل هذه الحكومة، أي أن الحكومة فاسدة قولاً واحداً، مثلما يقول كل شعب السودان عنها، عدا الرئيس البشير الذي ظلَّ ينفي هذا الفساد أشدَّ النفْي، ويلَولِوَه، ويتهرب من الإعتراف به..قول أربعة !!
• ثم أن (الفريق) حميدتي يقول لرجاله: انضبطوا، والتزموا بزيكم الرسمي -بما يعني ألا تختلطوا بغيركم، ولا تسمحوا لغيركم بأن يتزيي بزيكم فيَتِّهموكم بقتل المواطنين- وحافظوا علي أرواح الناس، ولا تقتلوهم -مثلما يقتلهم الآخرون- قول خمسة..
• وكان (الفريق) حميدتي في وقتٍ سابق، وفي لقاءٍ مع الطاهر حسن التوم، قد نفي نفياً قاطعاً للشعب السوداني عن رجاله تهمة قتل المتظاهرين في سبتمبر ٢٠١٣م، وقال إن هذا الصنيع لا يشبه رجاله، وما لهذا جاء رجاله..قول سبعة..
• الثورةُ -إذن- لا تُقصِي أحداً، ولا تستبعدُ أحداً..
• الثورةُ تستقبلُ حتي القافزين من سفينة الإنقاذ الغارقة..
• حميدتي الآن أقرب إلي دهماء الناس، وعامتهم، ومضطهديهم وجوعاهم..
وإذا كسبت الثورةُ حميدتي، أو حيَّدته علي أقل تقدير، فلن يبقي مع النظام إلا ميليشيات المؤتمر الوطني، وأمن الفريق قوش، وبعض جهلاء الشرطة ومضطهديها.. ولسوف تتمايز الصفوف عاجلاً، وبشكلٍ أوضح فرزاً وتنميطاً..