الخرطوم – التحرير:
السنوسي يؤدي القسم مساعداً للرئيس
نفى القيادي بحزب المؤتمر الشعبي ابوبكر عبد الرازق أن يكون تعيين أمين شورى الشعبي إبراهيم السنوسي مساعداً لرئيس الجمهورية قد جاء في سياق تنازلهم عن الحريات مقابل السلطة، منوهاً بأن مشاركتهم في الحكومة كانت من أجل المحافظة على الحريات، ووصف تعيين السنوسي بـ(أهم) مشاركة رمزية للمؤتمر الشعبي، وللأحزاب في هذه الحكومة؛ وذلك لقوة شخصيته، وقدرته العالية على التأثير في الرئيس من أجل حوار وشورى أوسع؛ وتطرق الحوار إلى عدد من قضايا الساحة السياسية.
* تعيين السنوسي مساعداً لرئيس الجمهورية يراه بعض المتابعين أنه في سياق تنازلكم عن مواقفكم بشأن الحريات من أجل حيازة المناصب؟
– طبعا هذه مزايدة سياسية لا أساس لها في الواقع، فالحريات التي تقدمنا بها هي تسع حريات أُجيزت منها خمس، وأحد التعديلات الدستورية المهمة التي أُجيزت هو إعادة النص الذي كان موجوداً في دستور 2005 الانتقالي، والذي أُلغي في تعديل 2015 ، فقد أُعيد مرة أخرى إلى صلب النصوص الدستورية، وهو أن يركز جهاز الأمن والمخابرات في مجال جمع المعلومات وتحليلها وتبويبها وتقديمها للجهات المختصة، والجانب الثاني التعديل المتعلق بحق الحرية، فحق الطلاقة فقط تحول لغة، واستعملت كلمة جديدة وهي حق الحرية، والذي أُحيل جزء منه إلى النص القانوني، وعدد من النصوص التي لم تجز كما هي تمت احالتها الى النصوص القانونية.
* بماذا تصف تلك المرحلة من مطالباتكم؟
– هذه مرحلة للمدافعة السياسية من أجل اقراراها في القوانين، والجانب الآخر نحن استطعنا أن نقولها بالفم المليان، وأن نرسي الحريات في الفترة من فبراير 2014 إلى نهاية اكتوبر 2016م لمدة ثلاث سنوات في ظل أسوأ وثيقة دستورية وقانونية لقانون الأمن الوطني، الذي كان يتيح لجهاز الأمن والمخابرات أن يتدخل حتى بين المرء وزوجه.
* ومع ذلك استمريتم في مطالبكم؟
– في ظل هذه الوثيقة الدستورية والقانونية البائسة استطعنا أن نرسي الحريات باقترابنا من المؤتمر الوطني عن طريق التأثيرالمباشر، نحن في تقديرنا أن السودان لا وقار فيه للنص القانوني ولا للنص الدستوري على الرغم من أن النصوص الدستورية والقانونية هي رموز للقيم في فقه التشريع، كما أن القانون مرآة للبيئة الاجتماعية، وكنا نود أن تكون كل التعديلات التي وددناها موجودة في صلب الوثيقة القانونية الدستورية؛ لتصبح رمزية بائنة للرأي العام من خلال النص المكتوب، لكن تجربتنا الواقعية أكدت أن العلاقات المتقاربة والأنفاس المنيفة أكثر تأثيراً من النص القانوني والدستوري في السودان، ومهما كانت وضاءة ووسامة وقسامة النص الدستوري والقانوني، فإن المؤتمر الوطني لن يعطي حريات حقيقية، لكن بالاقتراب والعلاقة المباشرة وبالتأثير المباشر ستتوافر الحريات.
* ولذلك شاركتم؟
– شاركنا من أجل إرساء الحريات، ومن أجل المحافظة على حرية الأحزاب السياسية التي تحاول المزايدة علينا، والتي حميناها باقترابنا من المؤتمر الوطني، إبان الحوار مدة ثلاث سنوات، ظلت خلالها دورها مفتوحة و ندواتها مشرعة ومعلنة في الساحات العامة؛ شاركنا من أجل حماية مناخ الحريات الذي أرسيناه بالاقتراب والتأثير عن طريق العلاقات السياسية، ومن جانب آخر شاركنا؛ لأن هنالك محاولة لهجمة دولية كبيرة على السودان ستنسحب على قضية الحريات والتحول الديمقراطي والتداول السلمي من دول لا تريد للسودان أن يكون حراً ولا ديمقراطياً؛ ولذلك آثرنا أن نكون قريبين من مركز اتخاذ القرار؛ لعمل مصد وخط دفاع ضد هذه الهجمة الدولية التي لا تريد لنا الحريات، فمساندتنا للمؤتمر الوطني كانت لتقويته على المحافظة على الحريات، وإعانته على ذلك.
* ما الذي كان سيحدث لو لم تشاركوا؟
– عدم مشاركتنا يعني عند المؤتمر الوطني إخفاق الحوار، وخصوصاً أننا الحزب الذي قدم مبادرة الحوار، وكان فاعلاً فيها، ومن ثم، يمكن للمؤتمر الوطني أن يجني على حرياتنا وحريات الآخرين إذا لم نشارك، ولهذا حفاظاً على حريات الآخرين وعلى حرياتنا نحن وحريات الصحافة والإعلام آثرنا أن نشارك، ونعتقد أن الحريات مشوار طويل حتى تُرسى بكامل عدتها وتمامها وكمالها، والمعركة من أجل إرساء الحرية لا تنقضي، وتظل معركة الحريات معركة موصولة بصورة تاريخية لا تنتهي؛ لذلك نحن نعتقد أن مهامنا الأولية أن نسعى إلى الإجماع الوطني عن طريق حزب الأمة و نداء السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة ياسرعرمان والحلو، وعن طريق حركات دارفور، نجتهد في إرساء السلام والوئام وفي الوقت نفسه، فك الاختناق السياسي وإزالة التوتر والاحتقان، هذه هي الدواعي التي حملتنا على المشاركة، وهي دواعٍ من أجل الوطن، ومن أجل الأحزاب الأخرى قبل أن تكون من أجل المؤتمرالشعبي، والجانب الآخر أن المؤتمر الشعبي يمتلك عشرات الآف من العضوية المنتشرة على مستوى السودان يعني( شنو) ثمانية عشر وظيفة، وهي لا تمثل حتى الأمانة العامة، فضلاً عن أن تمثل هيئة الشورى، أو القيادة، أو تمثل المؤتمر العام للشعبي.
* ألا ترى أن وجود أربعة مساعدين لرئيس الجمهورية يمثل جزءاً من الترهل الحكومي الذي انتقده كثيرون؟
– أصلاً هذا العدد كان موجوداً من قبل، والتصور الذي قدمناه نحن من خلال ورقتنا الخاصة بتدابير الوضع الانتقالي وعودة السلطة إلى الشعب من خلال الانتخاب العام في لجنة الحكومة وإنفاذ مخرجات الحوارأن يكون مجلس الوزراء من عشرين فقط، لكن (ليس كل ما يتمناه المرء يدركه وتجري الرياح بما لا تشتهي السفن)، و(ما لا يدرك كله لا يترك جله)؛ ولذلك نحن لا يمكن أن نترك الحوار الذي دخلناه من أجل لملمة أطراف الوطن حتى لا يتمزق، ولملمة النسيج الاجتماعي والحفاظ عليه. يعني لا يمكن أن نترك كل هذه المكاسب الكبرى من أجل إصرار المؤتمر الوطني على العدد ذاته. الحكومة السابقة كان بها 77 وزيراً، إضافة إلى 4 مساعدين.
* كيف قابلتم في الحزب اختيار السنوسي مساعداً لرئيس الجمهورية؟
– تعيين إبراهيم السنوسي في هذا الموقع هو أهم مشاركة رمزية للمؤتمر الشعبي وللأحزاب في هذه الحكومة؛ لأن الشيخ إبراهيم شخصية قوية، ولديه قدرة عالية جداً على التأثير في الرئيس، بحكم العلاقة الممتدة بينهما، وبحسبان أنه من جند الرئيس في الحركة الإسلامية، وقدمه لمنصب الرئاسة، لذلك وجوده في مركز الرئاسة يتيح مجالاً لحوار وشورى أوسع مع الرئيس لمصلحة الحريات ومصلحة جميع الأحزاب والسودان كله، والسنوسي غير محتاج إلى هذا المنصب مالياً أو جاهاً، ووافق عليه من أجل إرساء الحريات التي كان للسنوسي القدح المعلى في الضغط من أجل بروز هذه المخرجات النضيرة التي تمت.
*هل صحيح أن الأمين العام للمؤتمرالشعبي د. علي الحاج تعرض لضغوط من الحكومة والحزب للقبول بالمشاركة في حكومة الوفاق الوطني الحالية؟
– لا أعتقد أن القضية قضية ضغوط، وقد دار حوار كثيف داخل المؤتمر الشعبي حول ضرورة المشاركة، ود. علي الحاج بعد أن أستقر في الوطن، وعمل على قراءة الواقع المحلي والدولي وصل إلى القناعات ذاتها التي كان يتحدث عنها آخرون، ومن ثم، اقتنع بأن المشاركة لا بد منها، وفي تقديري أن المؤتمر الوطني برفضه لإجازة كل هذه الحريات ربما تكون هنالك جيوب تريد أن تجهض الحوار الوطني، وأن تجهض الاقتراب بين آحاد الساحة السياسية السودانية.
* لذلك عملتم على تفويت الأمر عليهم؟
– أعتقد أننا استطعنا أن نفوت الأمر على الآخرين من أجل أهدافنا التي حاربنا من أجلها، وقدم الدكتور الراحل الترابي مبادرة الحوار للجنة سوارالدهب التي نقلتها كتابة إلى رئيس الجمهورية، والذي طلب مقابلة د. الترابي بموافقة الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي، ومن ثم كانت الورقة التي كتبها د. الترابي، وأعلن عنها الرئيس في خطاب الوثبة.
* ولهذا يرى بعض المراقبين أن خطابكم السياسي بات قريباً من المؤتمر الوطني؟
– ليس لدينا خطاب سياسي قريب من المؤتمر الوطني، وهذا الحديث غير صحيح ، وحتى خطاب الأمين العام في هيئة الشورى كان خطاباً يؤمن على كل المبادئ التي ظللنا ندعو إليها، ووجه صوت لوم واضح إلى رئيس المجلس الوطني إبراهيم أحمد عمر بوصفه ابناً للحركة الإسلامية، كان حرياً به أن ينحاز إلى الحريات التامة.
* وباقي القيادات؟
– كذلك ظلت كل القيادات السياسية للشعبي تتحدث عن ذلك، ونحن لم نقدم تنازلاً على الإطلاق. فيما يلي قضية الحريات نحن أهدافنا ومبادئنا الكلية أقرب إلى العصمة، وستظل في النهاية بارزة إلى أن نصلها انتقالاً عبر المراحل، قد نصل إليها في سنة أو سنتين أو عشر سنوات، لكن في النهاية هذا هو الجهد الذي ينبغي أن نبذله، ومنذ بداية الحوار أنا ظللت أقول لكل الأجهزة الإعلامية إن الحوارعملية أشق من القتال، ويحتاج إلى صبر وطول بال، ونحن حزب يمتلك قيادات أكبر من كل المناصب الرفيعة، بل أكبر من منصب رئيس الجمهورية. ما انتابنا في لحظة من اللحظات إحساس بأن منصب رئيس الجمهورية أسمى مما نحمل من مبادئ وقيم وأفكار، ولا مما نحمل من جاه ومكانة على الإطلاق، الآن الناس تعرف كثيراً من قيادات المؤتمر الشعبي، ولا تعرف كثيراً من الوزراء المركزيين، وقياداتنا أشهر من القيادات التنفيذيين، ومن الوزراء، وتأثيرنا أكبر من كل الذين يتولون مناصب في الدولة.
* مراقبون رأوا أن حديث “الشعبي” عن الحريات لم يكن إلا نوعاً من التمويه، وأنكم تمضون الآن من خلال حكومة الوفاق للوحدة من جديد مع الوطني؟
– من يقولون بذلك هم خصوم سياسيون أكثر من كونهم مراقبين، نحن الآن لا نتحدث حتى عن المنظومة المخالفة فضلاً عن التحدث بشأن الوحدة، ونحن الآن نتحدث عن حكومة البرنامج الذي ينبغي أن نتواضع عليه تأسيساً على مخرجات الحوار؛ بحسبانه المرجعية، ونتكلم عن إنجاز حكومة البرنامج، وعن ترتيباتنا فيما يتعلق بحكومة ظل لوزرائنا، تساعد في كل المجالات المختلفة للوزارات من أجل الإنجاز. حتى الوزارات التي اخترناها تحتاج الى عمل، حتى يكون عطاؤنا واضحاً وبادياً للعيان، أما هذا الحديث فهو حديث خصوم سياسيين يتحدثون من موقع المزايدة السياسية، ولن يستطيع شخص أن يزايد علينا لا حرصاً على الحريات، ولا في الاستقامة في العمل العام، وكثير من الذين يزايدون علينا يأخذون أموالاً من الحكومة.
* وأنتم ألم تأخذوا أموالاً من الحكومة؟
– نحن لم نأخذ من قبل ولا الآن، ولن نأخذ أصلاً، ونعتمد على حزبنا ومقدراته، ونمتلك من القيادات ومن القدرات ما يعيننا على الاستمرار من دون الحاجة إلى الحكومة، والأخ إدريس سليمان الذي اخترناه وزيراً للتعاون الدولي كان يصرف في وزارات الخارجية أربعة أضعاف مرتبه الذي سياخذه الآن، اما الدكتور موسى كرامة فهو حاصل على دكتوراة في الاقتصاد، وإمكاناته المالية عالية جداً، وهو في الوقت نفسه تاجر، وبنى بيته من حر ماله، وسعد الدين حسين البشرى مهندس مدني من أكفا المهندسين في البلاد، وكان مديراً لشركة دان فوديوم، ولديه من المال ما لديه، وليس في حاجة إلى المنصب، ود. بشير آدم رحمه في الهيئة البرلمانية غير محتاج كذلك، وهو تاجر، لذلك ليس هنالك ما يغرينا أصلاً في أن نشارك، والوزراء الذين اخترناهم كانوا من الظل السياسي، ولم نقدم المشاهير وزراء، وأنا شخصية بارزة في الإعلام لم أنل أي منصب.
* لماذا؟
– لأنها كلها 18 موقعاً اخترنا فيها من عرفوا بالكفاءة والتخصص، يعني وزير الدولة بوزارة النفط مهندس، ووزير التعاون الدولي سفير بوزارة الخارجية سابقاً، ووزير الصناعة يحمل دكتوراه في الاقتصاد، ولا يوجد الآن إنسان في موقع أكرم منا ولا أكثر منا نزاهة ولا استقامة (عشان) يزايد علينا، (بعدين منو الما شارك، التجمع كلو شارك في اتفاقية القاهرة وجاؤوا في المجلس الوطني والحكومة المركزية) و(ركبوا العربات، وأخذوا المخصصات، وسافروا بالطائرات)، بل قانون الأمن الوطني سيئ الذكر أُجيز إبان مشاركة التجمع في 2010م، لذلك ما من أحد يستطيع أن يزايد علينا حتى الذين أصواتهم عالية جداً في بعض الأحزاب لهم مصالح مع الحكومة، وهم تجار مليارديرات.