لا ينكر الفرد منا قدرة خطابات منتسبي الحزب الحاكم في “هبش” وجدان السوداني البسيط بالحديث عن المواقف البطولية والمؤامرات الخارجية والعملاء المندسين، وهو ما خلق لهم شعبية كبيرة في أوساط البسطاء من ابناء الشعب غير المدركين لحقوقهم غير الواعين لدور الحكومات الاساسي .. مع استمرار اللعب علي اللاوعي بالتكبير و التهليل الذي يعزز بدوره ذلك الاحساس الزائف بارتباط حكومة الانقاذ بالدين و الشريعة الاسلامية – ماسكين الناس من اليد البتوجع -.. ولكن يبدو انهم قد غفلوا عن حقيقة ان هذه المرة مختلفة عن كل ما سبق .. فان من اشعل فتيل هذه الثورة هو نفسه ذلك السوداني البسيط، الذي لا هم له في هذة الدنيا سوي توفير الحياة الكريمة و لقمة العيش والدواء عند الحاجة لمن يهمه امرهم، وانه لو لا ضيق الحال لما خرج اهالي عطبرة منادين بإسقاط النظام بمن عليه، لما لحقتهم باقي الولايات دون تردد ..
ان خطابات منتسبي الحزب الحاكم في الأيام القليلة الماضية أقرب إلى أن تكون خطابات حزب حديث التنصيب .. فإن “ح” في الدارجية السودانية حين تسبق الفعل تشير الي المستقبل، والمستقبل المجهول تحديداً .. فلم نسمع اليوم انكم “ح” تصلحوا الاقتصاد، و”ح” توفروا مساكن و علاج وتعليم و”ح” و “ح” و”ح” ؟!! اين كانت مجهوداتكم وعملكم الدؤوب خلال الثلاثين عاماً الماضية؟!!
كما درجت العادة، فإن الرسائل الموجهة من طرف منتسبي الحكومة للشعب تخلو من السقوف تماماً .. فلا سقوف زمنية و لا مالية و لا حتي سقوف بشرية، مما يدل علي أنها مخاطبات فطيرة وتخديرية فقط لا غير .. إذ لا يجوز في ظل أزمة اقتصادية طاحنة في بلد به من الموارد والامكانيات ما يسد عين الشمس ان تأتي رسائل مبهمة “بدنو حلول الازمة” او “نعمل علي خطة اقتصادية” .. فكلنا يعلم أن هذه الأزمة لن تحلها “دولارات” قطر ولا “دقيق” المانحين من الامارات .. اين سقوف تلك الخطة؟! اليس المواطن السوداني هو اليد التي ستبني هذه البلد؟! هو الذي سينتج و يزرع ويصنع؟! ما هي مشاريعكم؟! ما هي طرق التمويل؟! اليس من المنطقي ان تتوافق هذه “الخطة الاقتصادية” مع الكفاءات المتوافرة من موارد وطاقات بشرية؟! فعلي سبيل المثال لا الحصر، اذا علم المواطن يقيناً اأن هنالك مصانع نسيج ستبدأ بالعمل بعد خمس سنوات فسيعمل علي ادراج ابنائه في الجامعات التي من شأنها تأهيلهم للالتحاق بهذه بالمصانع .. ويشمل ذلك ذلك المشاريع الزراعية و الانتاجية و غيرها .. اذا لا بد من مشاركة المواطن بهذه “الخطة الاقتصادية” اذا كانت هنالك واحدة من الاساس ..
ان الاستخفاف بعقل المواطن السوداني لن يجني ثماره هذه المرة حيث ان سقف المطالب قد ارتفع .. فلا تهليل ينفع ولا تكبير يجدي .. “الكبير الله” بصوت الحبوبات ..
فيا منتسبو الحزب الحاكم، اليس فيكم رجل رشيد؟!