الخرطوم – التحرير
في الوقت الذي تبدو فيه العملية الوفاقية بالبلاد غير واضحة المعالم؛ نتيجة لتباعد الشقة بين الحكومة والمعارضة بشقيها المدني والمسلح، برزت الخلافات التي تصاعدت حدة وتيرتها مؤخراُ بالحركة الشعبية شمال؛ وهذا ما عمق من حالة التوهان التي تعتري مسيرة المفاوضات؛ لأن الطرف المعارض الآن يحتاج إلى فسحة من الوقت لإعادة ترتيب أوراقه، وحسم الخلافات التي ضربت جزءاً من مكوناته، الذي يعدّ طرفاً أصيلاً في العملية التفاوضية، وإن كانت زيارة رئيس الآلية الافريقية رفيعة المستوى ثابو أمبيكي للخرطوم في غضون الأيام القليلة الماضية قد حركت كثيراً من الجهات التي التقاها في الحكومة والمعارضة؛ بهدف تفعيل مسارات التفاوض، والوصول إلى نقاط التقاء مشتركة يتم من خلالها بحث كل القضايا بشفافية تامة، إلا أن حسم الخلافات داخل قطاع الشمال بات يشكل أولوية خاصة لأبناء الحركة الشعبية شمال، ومن ثم النظر عقب ذلك في كيفية مشاركتهم ضمن القوى التي تتحاور من أجل إحلال السلام والاستقرار بالبلاد.
رئيس الآلية الافريقية رفيعة المستوى الذي حطت طائرته بالخرطوم في السابع من إبريل الجاري التقى عدداً من الشخصيات التنفيذية والسياسية على رأسها رئيس الجمهورية، ومساعده إبراهيم محمود مسؤول ملف مفاوضات منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ود. أمين حسن عمر مسؤول الحكومة في مفاوضات دارفور، كما التقى قادة قوى نداء السودان.
تحركات أمبيكي وحواره مع القوى السياسية كافة كما أشار كثير من المراقبين تؤكد أن الحراك الذي يقوم به الرجل هدف إلى انعاش عمليات التفاوض التي أصابها الجمود منذ مدة ليست بالقصيرة، وهو الأمر الذي أشار اليه القيادي بتحالف قوى الإجماع الوطني والأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني بكري يوسف في تصريحات صحفية قبيل زيارة أمبيكي بأيام قليلة، حينما قال إن خارطة الطريق تحتاج إلى إنعاش.
مسألة الإتفاق حول مسارات العمل الإنساني، ووقف إطلاق النار، والدخول في عملية الحوار الشامل تمثل أهم معالم الخارطة الإفريقية، وعلى الرغم من العقبات التي تقف أمام إنجاز تلك الملفات كتمسك الحركة بمعبر خارجي لإيصال المساعدات الإنسانية، ورفض الحكومة لذلك المقترح، هذا فضلاً عن خلافهما حول كيف يبدأ التفاوض: بالترتيبات الأمنية أولاً، ومن ثم الدخول في المفاوضات السياسية، ام يبدأ بالأخيرة، ومن ثم الدخول في الملفات الأمنية.
زيارة أمبيكي للخرطوم تأتي وسط كل هذه التعقيدات التي تحيط بالعملية التفاوضية تضاف إليها الخلافات الاخيرة بالشعبية، التي تجعل من مساعيه لإنجاح جولة مفاوضات جديدة أمراً بالغ التعقيد، فقد أعلنت الحكومة على لسان إبراهيم محمود حامد مساعد رئيس الجمهورية عن استئناف جولة جديدة من المفاوضات بينها وبين الحركة الشعبية شمال والحركات المسلحة بدارفور، خلال أيام في أديس أبابا، وقالت الحكومة إنها تنتظر رد الحركة الشعبية وحركات دارفور لبداية جولة جديدة من المفاوضات.
وما يصعب مهمة أمبيكي أيضاً تلك الأنباء التي نقلها كثير من الوسائط الإعلامية عن أن مجلس تحرير إقليم جبال النوبة التابع للحركة الشعبية سيبلغ الوساطة الأفريقية ودول الترويكا عزمه تعليق المفاوضات، وسحب ملفات التفاوض من فريقها السابق برئاسة ياسر عرمان .
قال د. ابراهيم الأمين الأمين العام السابق لحزب الأمة القومي في حديث لـ (التحرير) إن ما دار بالحركة الشعبية شمال أحدث ربكة داخل قوى نداء السودان إلا أنه عاد وأكد تمسك قوى نداء السودان بموقفها من الحوار، وأنها تتحدث عن خارطة الطريق، وعن لقاء مقبل سيطرحون من خلاله وجهة نظرهم، وهي مغايرة لما يعرف بحوار الوثبة، ويرى الأمين أن أمبيكي لم يعد يتمتع ب بالبريق السابق ذاته؛ لأن متغيرات كثيرة حدثت بالساحة، إلا أن رأيه أيضاً أن أي محاولة لتحقيق السلام في السودان مطلوبة.