كل من استمع لمقابلة علي عثمان التلفزيونية يلاحظ أن الرجل كان :
متوترا، من شده هله وجزعه، طفق يكشف دون أن يدري أبعاد الدولة العميقة السرية !
بدأ يتحدث بثقة مصطنعة وزهو مفتعل وكذب صراح عن دولة عميقة خفية غير دولة الطغيان والقمع والقتل والفساد التى نراها جاثمة علي صدر الوطن وقابضة بيد من القمع والبطش والأذرع الأمنية علي تلابيب الشعب السوداني العظيم منذ العام 1989.
علي عثمان تحدث صراحة عن وطن غير السودان الذي نعرف! وعن ؛ قوات مسلحة غير قوات الشعب المسلحة المعروفة ! تحدث بكل الوقاحة والصلف مختزلا الوطن (الحدادي مدادي) في ؛*شخصه ورئيسه السفاح حتي جعل الدفاع حتي الموت من أجل الأشخاص وليس من أجل الوطن ! .
كان يتحدث عن الحركة الاسلامية، وليس الشعب السوداني كأنه أخذ السودان وأهله رهينة عنده للأبد.
من يخرج من أبناء هذا الوطن الشرفاء يطلبون حقهم المشروع في الحرية والكرامة والعدالة والخبز، يتوعدهم مهددا بخروج كتائب ومليشيات الدولة السرية. هذا إعتراف فاضح وصريح بأن الثوار قد انتصروا بإسقاطهم دولة الطغيان القائمة حاليا.
كأني به يعترف بأن الثورة قد أسقطت الخطة (أ)
وسوف يستدعي مليشيات الدولة السرية أي الخطة (ب) لتنازل الشعب السوداني الثائر في الشوارع وهو يهتف أعزلا بصدور عارية علي إمتداد الجغرافية المنتفضة.
يتهدد ويتوعد بأنه يخرج دولة التمكين من مخبئها العميق “ملبدة” تنتظر مثل هذا اليوم، لتقتل كل من يقف في وجهها من الثوار. نفسه القتل الذي كان شريعتهم منذ العام 1989 في بيوت الأشباح،
وفي دارفور،
وفي النيل الأزرق، وجبال النوبة، وفي كجبار، وبورسودان، والعيلفون، ومع ثوار سبتمبر وضباط رمضان الشهداء البواسل، ومايحدث الآن من تقتيل بوحشية وبشاعة.
إذن علي عثمان كشف من خلال هذه المقابلة التلفزيونية دون أن يدري سرا كان معروفا للكثير من أهل السودان، أي الإرتباط العضوي والوثيق بين نظام الإنقاذ ومنظومة الإسلام السياسي العالمية.
هذا ما يؤكده ما قاموا به من تدمير ممنهج للبنية التحتية لكافة مؤسسات الدولة الوطنية، ثم أعملوا فيه آليات الفساد المهول، بالإضافة إلى تقطيع أوصاله حتي أضحت الدولة فاشلة وعاجزة عن توفير أبسط ضروريات الحياة لمواطنيها من خبز وماء ودواء ووقود ومال سائل في البنوك يتدبر به الناس معاشهم اليومي !
ماتزال ثقتي راسخة في انتصار ثورة 19 ديسمبر، وإيماني مطلق في صمود الشعب السوداني حتي النهاية، وحتمية إسقاط النظام تبقي مسالة وقت ليس إلا.
لكن بعد أن إستمعت ل “خطرفات” علي عثمان فقد تأكد لي إن الرجل قد أصيب بعدوي (إدمان السلطة) من رئيسه السفاح وهو إدمان أخطر من كل أنواع الإدمان الأخري، حيث جعل من البشير منفصما تمام الإنفصام عن الواقع، حتي طفق يشبه نفسه بمحمد عليه افضل الصلاة والسلام. وأصبحت أكثر قناعة من ذي قبل أن الثورة منتصرة وأن النظام العميل الدخيل ساقط لاريب.
هكذا أعطي علي عثمان بهذا الخطاب المعادي للشعب والقوات المسلحة وقوات الشرطة والخدمة المدنية وغيرها من مكونات المجتمع السوداني عندما ذكر صراحة أن الدولة السرية قادرة علي إستبدالهم جميعا !
أعطي لكافة هذه الفئات مسوغا صريحا أن تصطف فورا مع الثورة في الشوارع والساحات من أجل إنقاذ الوطن من براثن هؤلاء العملاء من القتلة واللصوص، وأن لايفوتهم شرف الدفاع عن الحرية والكرامة والعزة، ويصبحون من عداد القتلة واللصوص ينتظرون القصاص في الدنيا والآخرة