(1)
لا مندس ولا حوثي..
لا مخرب ولا شيوعي …
لا اسرائيلي لا روسي…
لا بعرف يقول ككيف؟..
ولا جرب في يوم الكيف..
ولا اتلوث بحق الزيف ..
ولا سوى الغلط والعيف..
الطفل (محمد عبيد 14 سنة) الذي قتل في موكب 17 يناير ، قميص مدرسته (ابيض) مجدوع في الحوش ، شنطة مدرسته (زرقاء) معلقة في الدولاب ، دفعته براءته لا شيء اخر ان يشارك مع الناس دفعا للظلم والجوع والحال المائل هو لا بعرف تجمع المهنيين ولا جبهة التغيير.
شعر بالحكاية في (الرغيف) وفي الغاز وفي ماهية ابوه.
شعر بيها في (اللبن).
مرق مع الناس – مات قبلهم…شفقان على الحرية وضايق عليها!!.
ترى كيف سوف يقابل اترابه الخبر في طابور الصباح يوم الاحد في مدرسته؟.
هل سوف تقرأ على التلاميذ في طابور الصباح سورة العصر.
ما هي حكمة ذلك الصباح التى يمكن ان تقدم في الطابور؟.
ماذا سوف يقول لهم (ناظر المدرسة) – هل سوف يقول لهم اخوكم (مات) في مظاهرات سلمية؟.
نودي وشنا وين؟.
نقول شنو؟.
قولوا لهم (صاروخ اسرائيلي) وقع في بري…قولوا لهم (طائرة امريكية) ، أي شيء من هذا القبيل ..حتى لا تخدشوا احساسهم بالوطن ، وحتى لا يحملوا انطباعا سيءا عن وطن يموت فيه (الاطفال) بالرصاص الحي.
غرقوا (22) طفلا في محلية البحيرة بالاهمال ومات محمد العبيد بطلق ناري.
ومحمد لسه بيلعب بالدرداقة وبيخرط في (البلّي).
لسه بيضيّع (نعاله) في الكورة وبيرجع بفردة واحدة.
وبتعلق في اخر اليوم في الباب.
محمد عبيد الراجح ان امه ارضعته (في عزة جبالك ترك الشموس) خليطا مع حليبها الطاهر ، وهو (رضيعا) فكان (جبلا) بذلك الشموخ.. الاكيد انه خرج من تلك الاسرة المتأنقة بالوطن ،والمتألق الوطن بها (بناتك عيونن صفاهن سماي، وهيبة رجالك بتسند قفاي)..لا بد انه درس (بدر كتب وامل قرأت) بطريقته الخاصة (بدر طلع وامل خرجت) بدر قتل وامل اعتقلت…فكان هو الطفل (الشهيد).
بكى العالم كله وانتحب على ما فعله (البحر الابيض المتوسط) وامواجه المتلاطمة في الطفل السوري (ايلان الكردى) ..تحركت المنظمات وانتفض العالم لهذا ، فكيف ان كان طفلنا محمد عبيد يموت هنا برصاص النظام وهو في وطنه السودان ، لا بحر ولا غارة جوية ..يموت بين اهله واحبابه ، و(جاري بي كرعينه) ، اغلب الظن انه كان يشارك في المظاهرة السلمية (حفيان) ، وربما كان في طريقه للدكان لكي يعود بـ (اندومي) فساقه قدره الى ذلك المصير.
محمد عبيد طفلا بريئا ، اعزل ، اترابه يشاهدون الآن في مسلسل (لونا البيتونيا) و(جيستين تايم غو) وهو يدفع حياته في مظاهرة سلمية ويمنحنا نحن الكبار ذلك الدرس القاسي والكبير..صغيرنا بضا مازال يحمل براءته وطفولته حلما بوطن يتسع الجميع ،لا تضيق ساحاته عليهم ،ولا تتحول فسحاته الى سجون ومناطق لضرب النار ، محمد عبيد بتلك الخلجات الوطنية العميقة التى قدمها لنا دون ان يدري كنهها يشبه عندي (صوت وردي) في تسجيلاته القديمة وهو يغني (ما في داعي) ، بصوت طريّا كأنه (النعناع) ، تشعر بطلاوته وندواته وبداوته ما بين الحروف ، وتلمس (طفولته) بين اجهزة التسجيل واثير الاذاعة.
هذا الطفل (طلقة) في جوفنا …وفي حشا أي زول سوداني.
(2)
هل كان بقاؤكم في السلطة (30) سنة لتبلغوا ذلك (الجبروات) ، والعمارات السوامق والارصدة الضخمة في البنوك الخارجية بتجويع الفقراء واحالة الاغنياء منهم للصالح العام ، واجبار الكوادر المؤهلة والشباب الطموح على الهجرة ومغادرة البلاد لتصلوا من بعد ذلك لمحطة ان تقتلوا (طفل) عمره لم يتجاوز (14) عاما؟.
لا شيوعي.
ولا اتحادي.
ولا حزب امة.
لا مخرب ولا مندس!!.
ولا يفرق بين معتز موسى ومحمد سيد احمد الجاكومي.
ولا هو من (القطط السمان)؟.
علاقته بالقطط لا تتجاوز مشاهدة افلام (توم اند جيري).
هل هذا هو وعدكم لنا؟…أهذا هو برنامجكم لانتخابات 2020م؟.
أعلى هذا قام حواركم الوطني؟.
تريدون ان تصلوا للحكم بالارواح ام بالاصوات ؟.
بالذخيرة الحيّة ام بالحوار؟.
تهديدات الفاتح عزالدين بقطع الرؤوس..
وكلام علي عثمان محمد طه عن كتائب الظل…
ووعود معتز موسى بانخفاض سعر الدولار…
وقسم حاتم السر بتلاشي الصفوف وزوالها…
وسخرية حسن اسماعيل…
و…
و…
وكل تلك المرارات……
هل جسّدتم كل ذلك في قتل طفل في مظاهرة سلمية في بري عمره لم يتجاوز الـ (14) عاما وامه مازالت تترقب عودته في الباب بثوب (الكرب) السادة.
أهذا هو وعدكم للشعب السوداني؟ – موت طفل في مظاهرة سلمية!!.
بهذا تريدون ان تعيدوا للجنيه سيرته الاولى؟..أكان هذا سبيلكم للتغلب على ارتفاع الدولار؟.
أليس بينكم رجل رشيد؟…بل أليس بينكم رجل بنصف هذه القيمة او حتى بثمنها!!.
هل كانت طوابيركم العسكرية ومعسكراتكم التى وصلت حد تصنيفكم بالارهاربيين ، وجعلت العالم كله يقاطعكم اقتصاديا كل هذه السنوات لتنتهوا بنا لقتل طفل عمره (14) سنة لا حول له ولا قوة.
جيشكم.
وشرطتكم.
امنكم.
ودفاعكم الشعبي.
وشرطتكم الشعبية.
وامنكم الشعبي.
وقوات دعمكم السريعة.
ناس الصاقعة والمظلات..وامسح واكسح …وجيب من جوة ..(وليهم تسلحنا).
اين هي من هذا الذي يحدث الآن؟.
هل كل هذه الاشياء لقتل طفل (14) سنة.
الامر لا يحتاج لكل هذه الجيوش.
الدستور والقوات المسلحة والشرطة يجب ان تحمى اولئك العُزل.
احموا الشعب…فهو منكم وانتم فيه ..هو بكم ولكم.
لا تخدعكم الشعارات السياسية والغش باسم الدين..
لا تمنعكم المصالح والمناصب من ان تكونوا مع الشعب وليس ضده.
تحويل ميزانية الدولة كلها للجيش والامن وقوات الدعم السريع ، هل كانت فقط لتلبغوا بنا في النهاية لقتل طفل عمره (14 سنة).
هيئة اركانكم الحربية ، وقواتكم التى تنتشر في كل البلاد وتقاتل في اليمن بقوت هذا الشعب وماله هل هي فقط لقتل طفل في مظاهرة سلمية؟.
نكرر.
ونعيد.
ونقول.
هيئة علمائكم ….ِ(رجال الدين) الذين اصبحوا في عهدكم (رجال اعمال) ، يلبسون الحرير ويركبون الفارهات – اغتنوا واكتنزوا الذهب والفضة واصبحت بيوتهم تتكون من اجنحة وبلوكنات طائرة وحمامات (سباحة) بالوان الطيف ،وصالات جمباز ، بعد ان وصلوا للسبعين يريدون بها ان يكافحوا الشيخوخة ، هل جاءوا اولئك العلماء من اجل (تحليل) قتل طفل (14) سنة مثلما اجازوا من قبل (التحلل) في السرقات التى تتم في المال العام وشجر الصندل؟.
(3)
شعاراتكم …(ما لدنيا قد عملنا) ..و (امريكا روسيا قد دنا عذابها ) ..و(في سبيل الله نمضي نبتغي رفع اللواء فليعد للدين مجده وليعد للدين عزه ولترق منّا الدماء ولترق كل الدماء)..و (الطاغية الامريكان ليهم تسلحنا)…واسرائيل التى اعلنتوا الحرب ضدها والتعبئة لنسفها ، وصيام الاثنين والخميس وادعاءكم الجهاد في سبيل الله هل انتهى بكم المطاف الآن بعد كل ذلك التجيّش والشحن للتطبيع مع اسرائيل وقتل طفل صغير عمره (14) سنة في شوارع بري.
هل هذا هو دينكم؟…وتعاليمكم التى رفعتوا شعاراتها فقط ، وعملتوا بما يقتضى ان يكون ضدها.
الاسلام الذي تتحدثون باسمه وتحملون (لحياته) على وجوهكم بريء من هذا الذي تفعلون ..بريء من ذخيرتكم الحية التى تتطلق على الابرياء ، بريء من غازكم المسيل للدموع ..بريء من الهروات.
الاسلام دعا الى ان نتقي النار بشق تمرة ، فكيف لكم وانتم تقتلون كل تلك الارواح؟.
الاسلام قال ان في كل كبدة رطبة اجر ..فكيف هو حالكم وانتم تتطلقون الرصاص الحي على طفل (14) سنة.
لقد دخلت امرأة النار في (قطة) لم تدهسها ولم تسحلها ولم تتطلق عليها رصاصة واحدة او حتى غاز مسيل للدموع فكيف ستستقبلكم (النار) وانتم تقتلون كل اولئك الناس في مظاهرات سلمية.
كيف سوف يكون مصيركم يوم الحساب ، بعيدا عن لجان تحقيقاتكم وانبثاقاتها ، ودون لجانكم الشعبية؟.
كيف سوف يكون مصيركم في فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، وانتم ليس لكم في ذلك اليوم لا واسطة ولا لجنة .. لا روسيا ولا تركيا ولا حتى الطاهر حسن التوم.
(4)
سرق المال العام ونهبت المليارات ، قلعت شجرة الصندل من جذورها في متحف الخرطوم القومي ، انتشر الفساد حتى لم تعد هناك مؤسسة حكومية واحدة تخلو منه.
حدث كل ذلك ، مع كل تقارير الفساد التى ينشرها المراجع العام سنويا …لم تخلو مكاتب الولاة الذين أتوا لنا يحملون شعار (القوي الامين) من فساد واختلاسات ، فلم نجد محاسبة او محاكمة لقط سمين واحد ، كل قضايا الفساد تم (التحلل) منها او حدثت فيها موازنات وترضيات.
كل القطط السمان خرجت.
وعندما حرق دار المؤتمر الوطني في عطبرة وربك ، خرجتوا تتحدثون عن الممتلكات وحمايتها.
تحدثوا عن المخربين والمندسين ،وقتلوا الناس في المظاهرات السلمية ليصل العدد الى اكثر من (45) قتيلا في مظاهرات سلمية حدثت بعد يوم 17 ديسمبر.
فعلوا كل ذلك باسم الدين والوطن وحماية الممتلكات ، في الوقت الذي تركوا فيه (القطط السمان) والمخربين الحقيقيين للاقتصاد السوداني يرتعوا في اموال الشعب وينتقلوا بين العواصم الاوروبية بالجوازات الاجنبية ليقتلوا طفل عمره (14) سنة في مظاهرة سلمية لم تكسر فيها (لمبة نايلون) واحدة من قبل المتظاهرين.
لاحقا ان شاءالله نتحدث عن الطبيب بابكر عبدالحميد ان كان في العمر بقية وحرية..