غداً يختفي من المنابر الوعاظ (الأراجوزات) وتعود للمساجد نوارنيتها ووقارها، وتعود الكنائس آمنة المحاريب.. وغداً تنتصب موازين العدالة الاجتماعية، وتعود للقضاء مهابته، وتعود للمؤسسات القومية قوميتها..وغداً تعود المكتبة المركزية والمكتبات العامة وهي تحتشد بطلاب العلم والاستنارة و..(فيها كتب قيّمة)
.وتعود المدارس إلى طلابها ويعود الطلبة إلى مدارسهم وتعود الجامعات (زاهره يانعه وزاهيه في توب أرجوانه) بعد أن يذهب عن تسييرها فاقدو الضمير الذين أوكل إليهم تخريب بنيتها وتبديد مواردها والتفريق بين طلابها وتوزيع غرف داخلياتها (بالمعرفة) والرشوة والانتماء الحزبي..
وغداً (يغور) من كانوا يمنحون الدرجات العلمية لأصحاب الحظوة وهم في منازلهم ومن غير أن يكتبوا سطراً أو يفتحوا كتاباً.. وغداً تختفي الكليات الاستثمارية (الدكاكينية) الخاوية، والمستوصفات القاتلة الملوّثة، والأطباء الإمعات.. وغدا تعود النقابات منابر خالصة لعضويتها بعد أن تتوارى نقابات المنشأة التابعة الذليلة والاتحادات الخانعة مزيفة الإرادة، وغداً يخسأ من جرى تنصيبهم باسم العمال والعاملين والمهنيين زوراً وبهتاناً، وغداً تزول المناصب الوهمية المنتشرة كالسرطان في مفاصل الدولة والتي لا غاية منها غير (أكل السحت)..
وغدا تعود للتجارة ضميرها وتزول الألاعيب و(شغل الأوانطة) وتختفي (السلع المضروبة) والتجارة الحرام..! وغداً تعود المصانع والفابريكات للدوران، ويعود لمشروع الجزيرة بهاؤه وتعود للمزارعين حواشاتهم، وتعود أراضي القرى لأصحابها، وتُزال أبنية سارقي الميادين في العاصمة ومدن البلاد.. وتعود الوظائف العامة للشباب على قاعدة الفرص المتساوية بعد أن كانت حكراً لأبناء الذوات (وما هم بذوات)..وغداً تعود الدبلوماسية لأهل التأهيل بعد أن ظلت نهباً لشراذم التمكين و(أصحاب الفضائح)!
وغداً يتوقف (قطار النهب) ويتم استعادة عقارات الدولة وتعود مؤسسات الضبط والربط و(يختفي الربّاطة) ويعود النقل الميكانيكي لضبط سيارات الدولة وآلياتها، وتعود الأشغال والمخازن والمهمات حتى تتوقف عطاءات النصب والاحتيال..وغداً تعود مراكز البحوث ومنتديات الثقافة والأنس، وتعود المسارح لإشاعة الوعي ومطارحة هموم المجتمع وآماله وتعود دور السينما مراكزاً للإشعاع والمعرفة والترفيه..!
.. وغداً يعود للمجتمع المدني تعبيره الحقيقي وتختفي اللافتات المزيّفة وينزوي الذين دخلوا ساحته بلافتات الكذب والتمويه.. وغداً تعود الأحزاب لتتعلم كيف تنفي عنها الجمود والتكلس وتصلح من شأنها و(تاخذ وقتها) لترميم بنياتها ورسم برامجها عبر بوابات العلم وخدمة المجتمع وترقية الوطن.. وغدا يلتفت الناس للريف المحروم مهد العمل والإنتاج وشونة الموارد والثروات ليجد نصيبه من التنمية والتعمير.. وغدا يعود النازحون إلى ديارهم ومساكنهم و(جبراكاتهم)..
وغداً تزدهر الفنون وتتزيّن مدن البلاد وقراها بمعالم الوطنية وكل ما يرمز لتعددية الوطن البهية..غداً يبقى من يتولون مناصب الدولة على كامل الإقرار بأنهم خدّام الشعب وليسوا سادته..غداً تعود موارد الوطن للوطن، وتعود للمال العام حرمته، وغداً تُعاد المسروقات ويُحاكم الحرامية..وغداً تعود لـ(أورنيك 15) حاكميته لإيقاف (ماسورة النهب) ويتم إلجام (جبايات التركية السابقة) التي أنهكت الناس وقصمت ظهر العمل والإنتاج وشفطت عرق العاملين المجدّين.. غداً تعود ثروات الوطن لأهله بعد إغلاق (بلف الاهدار) ويتم قلب معادلة الموازنة ليصبح النصيب الأكبر للتعليم والصحة وليس لحماية الأشخاص والأنظمة وشراء اليخوت وبناء القصور..!
هذا جزء صغير من تطلع كبير يريد بعض الطغاة صغار الأحلام أن يخمدوا نوره ويعطلوا انطلاقته.. وهيهات.(يريد الحاسدون ليطفئوه.. ويأبى الله إلا أن يتمّه)..!