على مدى شهرين متتابعين والشعب السوداني يقوم بحراكٍ نبيل من أجل نيل الحقوق من حريةٍ، وسلام، وعدالة.. ويتعرض في سبيل ذلك للضرب، والسحل، والاعتقال، والتعذيب، والتشريد والقتل..
يقف الشعب وحيداً، عاري الصدر، حافي القدمين، مطبقا بطنه على أضلعه من مسغبة وجوع، ولا تجف دمعته لفراق أرواح صعدت إلى بارئها شاهدةً على ما يحدث في دولة تعيش تحت خط البؤس بأميال تتخطى وحدات القياس المعلوم..
طوال شهرين ظل الجيش السوداني في عزلةٍ عما يحدث، لا يتخللها ما يعكر الصفو إلا حين تقترب دوائر الحِراك من مس المكتسبات الهائلة، ووتر السيادة الشائهة ذات التقاطعات الحادة، وما كان منها من مصالح شخصية للكبار بلغت حد البؤس والعفن..أما قواعد الجيش الدنيا والوسيطة فلا تقل بؤساً وفقراً عن قطاعات الشعب إلا بفتات الموائد من مواد يتم توزيعها عليهم بقدر حد كفاف!!
لم نسمع عن حراكٍ جدي للجيش منذ تفجر الثورة إلا بالأمس حين تعرض ضابط بحرية في بورتسودان (أو حين تم إعتقال إبنة عميد أيا كانت القصة) فقامت قيامة الجيش ولم تقعد، وطغى الرصاص على المشهد بما يعرِّض سكان مدينةٍ بكاملها، وضمنها ميناء البلاد الرئيس للخطر!!
الجيش السوداني، ومنذ الدفعة (40) كخط فاصل لا يتم القبول فيه إلا بعد التمحيص، والتأكد من الولاء والإنتماء للحركة الإسلامية، أو عن طريق الواسطة المحضة، وكذلك حال كل الأجهزة الأمنية الأخرى، ومثلها كل وظائف الدولة وخدمتها المدنية، وبذلك فهذا الشجار بين أغصان نفس الشجرة اليابسة..
خلاصة القول، لا نعوِّلُ أبداً على هبة أفرادٍ من الجيش في بورتسودان ﻷسباب شخصية، ولا تعنينا إلا بقدر الخطر الذي تمثله على أرواح المواطنين، وممتلكات الشعب، ﻷنها لا تغيِّرُ من حقيقة الموقف المتخاذل، بل المتماهي والمتواطئ للجيش مع دولة القهر، والظلم، والإستعباد..
والثورة ماضيةٌ إلي غاياتها المرجوة، بإذن الله، وبالجيش أو بدونه..