* إتفقنا أو إختلفنا معه في الكثير من المواقف، فإن انضمام الصادق المهدى للثورة الشعبية نقلة ضخمة جداً، بل نقطة مفصلية في مسيرة الثورة نحو تحقيق النصر النهائى، فهى في حاجة ماسة لرجل ومفكر وسياسى في مثل قامة الصادق المهدى الفكرية والسياسية والنضالية، وشهرته الكبيرة في العالم، وقاعدته الشعبية الكبيرة التى لا غنى للثورة الشعبية عنها، فضلا عن أنه آخر رئيس وزراء شرعى للبلاد قبل انقلاب حزب (الجبهة القومية الإسلامية) على الشرعية، واستيلائه على السلطة بقوة السلاح في الثلاثين من يونيو 1989، وتدمير البلاد وسرقة ثرواتها ومواردها، وقتل شعبها وإذلاله وحرمانه من كافة حقوقه الأساسية وأبسط مقومات الحياة!!
* صحيح أن تجمع المهنيين السودانيين نجح بامتياز في قيادة الثورة، والحصول على ثقة الجماهير بكافة فئاتها وأطيافها وأعمارها، واكتساب القدرة في التأثير عليها، وتحريك الشارع ببراعة مما يدفع الكثيرين كل يوم للإنضمام الى الثورة وإعطائها المزيد من التوهج والتوسع، وبث الرعب في نفوس الطغمة الحاكمة، التى تفقد تماسكها وغلاة مؤيديها والمنتفعين منها يوما بعد يوم، إلا ان وجود شخص مثل الصادق المهدى، مهما اختلفنا معه، وحزب مثل حزب الأمة القومى، بكل تاريخه الطويل، وكافة الشخصيات والأحزاب الأخرى، التاريخية وغير التاريخية بين جماهير الثوار، أمر لا بد منه لإضفاء الوحدة المطلوبة على الحركة الجماهيرية المتصاعدة، وإعطاء الثورة بُعدًا سياسياً لا بد منه لنجاحها وتحقيق التغيير المنشود والتطلع الى واقع جديد وسودان حر ديمقراطى في أمس الحاجة الى جهود كل أبنائه لانتشاله من الهوة العميقة التى أوقعته فيها الطغمة السياسية الحاكمة الفاسدة، وإعادة بنائه من جديد!!
* لقد أعلن (الصادق المهدى) في خطبته بجمعة الأمس في نفس تاريخ اليوم والشهر تقريبا (25 | 26 يناير) الذى إكتمل فيه تحرير السودان من المستعمر التركى قبل اكثر من مائة وأربعة ثلاثين عاما، انحيازه بكل جلاء ووضوح للثورة الجماهيرية الكاسحة، وهو بمثابة اعلان لتحرير السودان من الطغمة الحاكمة، لخصه لنا الزميل (محمد الحسن المهدى) في الآتى:
* المطالبة برحيل النظام وإقامة نظام إنتقالى.
* الإشادة بثورة الشباب، والمطالبة بدعمها وتطويرها حتى رحيل النظام.
* مناشدة الشعب السودانى الإنخراط فى المواكب والمظاهرات والإعتصامات حتى رحيل النظام.
* التأكيد على إكتمال (ميثاق الخلاص الوطنى)، والتوقيع عليه فى الأيام القليلة القادمة.
*التأكيد على إلتزام حزب الأمة بميثاق الحرية والتغيير، والعمل مع تجمع المهنيين حتى بلوغ الغايات.
* دعوة البشير للتنحى فورا وفتح الطريق لنظام إنتقالى، وذلك لحقن الدماء وسلامة الوطن.
* دعوة عقلاء المؤتمر الوطنى الإلتزام بمطلب الشعب، وان يكون الإنتقال سلميا، وطمأنتهم بأن الثورة من أجل العدالة، وليس الإنتقام.
* مناشدة القوات المسلحة وقوات الأمن والشرطة الإلتزام بالمهنية، وعدم قتل المتظاهرين السلميين، والإنحياز لمطالب الشعب.
* المطالبة بلجنة تحقيق رفيعة تساعدها لجنة دولية من الأمم المتحدة، للتحقيق فى قتل المتظاهرين وتحقيق العدالة للشهداء .
*مناشدة دول الجوار العربى والأفريقى والاسلامى والدول الصديقة ذات القيم الديمقراطية بالتضامن مع مطالب الشعب فى الحرية والسلام والعدالة.
*التأكيد على أن المواكب الختامية سيعلن عنها فى الداخل والخارج بالاتفاق مع تجمع المهنيين، وستكون معها إعتصامات مستمرة حتى النصر تتقدمها كل قيادات المجتمع السياسية والفنية والرياضية والمثقفين والمهنيين وكل الفئات.
* كان هذا ما جاء في بيان الصادق المهدى، وهو في رأيى الشخصى الفرصة الأخيرة للطغمة الحاكمة لتجنيب البلاد مغبة الصراع، وإلا فعليها أن تتحمل المسؤولية كاملة عن كل ما يمكن أن يحدث من تداعيات إذا تمسكت بأنانيتها وتسلطها على البلاد وقهرها للشعب .. ولقد خرج الشعب رافعا رأسه وفاتحا صدره، ولن يعود إلا بالنصر مهما كانت التضحيات !!
الجريدة