كتب د محمد عبد الرحيم أحد أبرز قيادات المؤتمر الوطني و الاتجاه الاسلامي في كلية الطب ومن المتحدثين باسمهم في التسعينات ما يلي:
هذه مجموعة خواطر متناثرة دفعني لكتابتها تصفحي للفيس بوك لمدة عشرة دقائق فقط.. رأيت فيها بعض المشاهد.. سأحكيها في بطن هذه الخواطر..
تمهيد:
تعمد الحكومة للتركيز الاعلامي الكثيف على أن من يحرك الثوار ضدها.. ومن يقف وراءهم.. ومن سيرث الوضع إن حدث التغيير.. هم الشيوعيون!!
الحكومة تعلم أن هذا الكلام غير صحيح ويخالفه الواقع.. لكنها محاولات منها لتحييد الناس وابعادهم عن الحراك ضدها.. وهذا مفهوم…
لكن في الحقيقة أن التغيير هو مطلب الشعب .. ولمن يشكك في ذلك ممن يقرأ كلامي هذا فقط له أن يجري استبيانا عشوائيا شفاهيا قصيرا يشمل أفراد أسرته.. وزملائه في العمل.. ودفعته في الدراسة.. وجيرانه في الحي.. والمصلين معه في المسجد.. وأصدقاءه في مجموعات الواتس والفيس…الخ فقط بسؤال عن الموقف من الإنقاذ الاستمرار أم التغيير.. ثم يقيم النسبة المئوية لكلا الإجابتين..
الإنقاذ مشكلتها مع أفراد الشعب الغير منتمين لأي قوة سياسية وهؤلاء هم اغلبية السودانيين.. ولديها مشكلة مع قواعد الأحزاب السياسية نفسها.. فمواقف قواعد حزب الأمة.. وقواعد الإتحاديين.. وقواعد الشيوعيين.. وحتى قواعد الإسلاميين.. كلها مع الحراك ومع مطلب التغيير..
سيطرة الحكومة وأيديها الطويلة الواصلة في بعض جيوب الطبقة القيادية في بعض الاحزاب ( مثل الامة والاتحادي والشعبي وغيرهم ) لا يعدو كونه تكتيكا فاشلا وخادعا أن هذه الأحزاب تقف بعيدا من الحراك.. فالواقع يقول أن قواعد هذه الأحزاب هي في قلب الحراك.. لم يضرها مواقف قياداتها..
الملحوظة الثانية حول كثرة الحديث عن فزاعة ( الشيوعيين ) هي أن الحزب الشيوعي كحزب من المفهوم ان يحاول الدفع نحو التغيير لموقفه المعلوم من الإنقاذ من أول يوم.. بل من المفهوم أن يحاول تجيير الحراك لصالحه والسيطرة عليه لأنه أسلوب تتبعه الأحزاب ( حتى إن كنت مختلفا معه ).. لكن الواقع يقول أن المكون الأكبر لهذا الحراك.. وهم الشباب.. غير معني البتة بجنون الصراعات الأيدولوجية.. ولا بالحروب السياسية التاريخية.. هم معنيون فقط برفض هذا الواقع البائس والتطلع لواقع أفضل يرون فيه السودان دولة ناجحة تتخذ مكانا في العالم يليق بمواردها البشرية والطبيعية.. وبما تستحقه هذه الأمة العظيمة التي قال عنها المرحوم محمد عثمان عبدالرحيم محقا:
أيها الناس نحن من نفر
عمروا الأرض حيثما قطنوا
يذكر المجد كلما ذكروا
وهو يعتز حين يقترن..
الشباب يتطلعون لتغيير لا تستطيع فيه اي أيدلوجيا او فكر سياسي ( بما في ذلك الشيوعيين ) فرض رؤية أحادية أو برنامج أحادي على الوطن.. وأنا شخصيا لا أرى أنهم يملكون أي قدرة على فرض رؤاهم أو تكريس إقصاء إلا إذا اتبعوا نفس نهج الإنقاذ في الإقصاء والتمكين والاستبداد.. وانقلبوا على التغيير.. وفرضوا أنفسهم بقوة السلاح.. وهذا لن يتأتى لهم بسهولة.. ولا يملكون القدرة عليه.. وإن ملكوها وفعلوها فهذا سيكون محض انتحار لهم ونحر للوطن باستمرار عجلة الاستبداد الحالية مع تغيير فقط في المواقع!!
أما أن تقدموا ببرنامجهم ورؤاهم ( التي أنا شخصيا أختلف معهم فيها تماما ) للشعب في ظل دولة عدالة وحرية وقانون.. واختار الشعب أن يقدمهم.. فلهم الحق في ذلك وليتقدموا ليحكموا الناس لأنهم حكمهم سيكون باختيار الناس ورضاهم..
الملحوظة الثالثة والتي دعتني لكتابة هذه الخاطرة تتمثل في مشاهد طالعتها في ( الفيس بوك ) رجعتني للحديث حول موقف ( الإسلاميين ) أنفسهم من الإنقاذ..
سأتحدث عن موقف الاسلاميين من الانقاذ عبر أمثلة بسيطة من مشاهدات في ( الفيس بوك ).. لكن قبل الدخول في هذه المشاهد أوضح نقطة صغيرة لكنها مهمة جدا.. عندما أتحدث عن ( الإسلاميين ) فقط أعني مجموعة يميزها هذا الإسم ممن انتموا لتيارات الحركات الاسلامية في مراحلها المختلفة ( الاخوان المسلمون.. الجبهة الاسلامية.. المؤتمر الوطني.. المؤتمر الشعبي…الخ ).. او ما اصطلح بتسمية ( الاسلام السياسي )..
ولا تعني أبدا كلمة ( الإسلاميين ) أنهم أكثر ( إسلاما ) من غيرهم.. أو أنهم مسلمون وما عداهم ناقصي الاسلام..
فالاسلامي ليس له من هذا الاسم الا بقدر ما تتمثل حقيقة الاسلام في فكره وسلوكه.. و ( الاسلاميون ) كمنظومة ليسوا أكثر اسلاما من أي منظومة أخرى إلا بقدر تمثل الاسلام الحقيقي في منهج وسلوك المنظومة..
لكنه اسم للتمييز.. مصدره أن المنظومة ارتضت ( فكر الاسلام ) مرجعية له..
تماما عندما تتحدث عن الحزب الفلاني الديمقراطي.. وجود كلمة ( ديمقراطي ) على أي منظومة لا يجعلها أكثر ديمقراطية من غيرها الا بقدر ما تتفوق فيه حقيقة على هذه المنظومات في تمثل الديمقراطية في منهجها وسلوكها.. والا فهو اسم ( علم ) للتمييز..
أتحدث عن علاقة الاسلاميين بالانقاذ باعتبارها مولود الاسلاميين الذي أتوا به ورعوه حتى استقوى..
فما هو موقفهم من الإنقاذ؟؟ ليس الآن.. بل قبل سنوات طويلة من الان..
عندما استعرض من أعرفهم من من انتمى للحركة الاسلامية قبل الانقاذ وأنا حديث سن في مراحل الدراسة الأولية في مدينة عطبرة.. يملؤون مدارس عطبرة المتوسطة والثانوية.. ومساجدها في السكة حديد والحصايا والامتدادات والدرجة..الخ.. ويملؤون دار ( الجبهة الاسلامية ) ونقابات العمال.. استعرض العشرات من هؤلاء.. فلا أجد من له أدنى صلة بالإنقاذ.. أجدهم بين غالبية معارضة لها وبعض من اعتزل كل شئ.. نفس الملاحظة بالضبط تنطبق على من أعلم من ( الاسلاميين ) في مرحلة الدراسة الثانوية.. وفي مرحلة الجامعة الغنية.. وفي من وصل بهم صدق انتماؤهم للحركة الاسلامية للذهاب لمناطق العمليات والاستعداد لتقديم أغلى ما يملك المرء ( الروح ) ثمنا للانتماء.. عندما أستعرض المئات من هذه الأسماء تبدوا الحقيقة واضحة جدا.. ( الإنقاذ مشكلتها مع هؤلاء أنفسهم تماما كما أن مشكلتها مع الشعب بشيوعييهم وغيرهم )..
جالت بخاطري كل هذه الذكريات بسبب المشاهد التي تحدثت عنها في بداية هذه الخواطر:
المشهد الأول:
سلمى محمد صالح عمر:
عندما تمكن الشيوعيون من مفاصل الدولة في بداية عهد ( مايو ).. و ( تمكنوا ) في مفاصل الدولة بسياسة ( التطهير الثوري ) و ( الصالح العام ) حدثت أحداث دامية جدا استهدفت المعارضين السلميين للنظام ( الانصار.. الاخوان…الخ ).. وامتلأت السجون بهم.. وتطور الأمر لقتل جماعي يشبه الإبادة بكل أنواع الأسلحة الحديثة في ودنوباوي والجزيرة أبا.. كان أحد ضحايا القمع الشهيد ( محمد صالح عمر ).. أحد قيادات الأخوان المسلمون.. والذي كان يقول عنه الأنصار أنه ( أسد يلبس نظارة ).. استشهد مرافقا للامام الهادي في الجزيرة أبا.. استشهد محمد صالح عمر تحت غطاء عبارات ( المخربين والمندسين ) التي لم تفارق الحياة السياسية الى اليوم.. وتحت غطاء تصريحات وزير شؤون الرئاسة حينها فاروق أبوعيسى المؤيدة لقمع المارقين!! وتصريحات أبوالقاسم ( بالعنف الثوري نحمي ثورة مايو ) وأشعار كمال الجزولي الممجدة للقتل والشنق ( ومسح حد السيف بحد اللحية )!!..
لا أحكي هذه الأحداث للتذكير بها من باب ( المماحكة ) رغم قناعتي الشخصية أن ( المبدئية ) غائبة عن الطبقة السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. لكن حكيتها لأقول أن الشهيد محمد صالح عمر خلف بنتا قبل استشهاده هي سلمى..
سلمى محمد صالح عمر..
أو ( ماما سلمى ) كما يحلو لأصدقائها أن ينادوها..
سلمى ناشطة اجتماعية لا تمل من قضاء وقتها وجهدها ومالها في حل مشاكل الناس أو عرضها على صفحتها في الفيس طلبا للحل من أصدقائها..
سلمى ناشطة في الحراك الحالي.. وفي كل الحراكات السابقة طلبا للتغيير السياسي.. لم يمنعها الاعتقال ( وكان اخر اعتقال لها خلال هذه المظاهرات الحالية ) من الاستمرار في مشروعها..
وعندما ناقشها البعض أن التظاهر قد يجمعك في خندق واحد مع ( الشيوعيين ) قتلة أبيها.. كان موقفها واضحا في أنها تركز على نصر ( القيم ) التي انتصر لها أبوها وقدم روحه فداها.. وأن الانتصار لهذه القيم هو ما يعنيها وتركز عليه بغض النظر عن هوية وخلفية من يقف ضد مواقفها أو في صف مواقفها..
قرأت لها وأنا أتصفح الفيس:
( تذكر… الثورة سلمية.. معركتك ما مع العسكري الشايل العصاية ولا حتى البندقية.. معركتك مع القاعد في القصر خلف الأسوار يستعدي شباب البلد بعضهم على بعض ويجيش الجيوش ويبذل الأموال لحماية عرش نخره السوس وهو ساقط لا محالة )
المشهد الثاني:
دعاء ماجد كامل..
ماجد كامل الطاهر.. نوارة شباب الحركة الاسلامية.. يعرفه من زامله في ( حنتوب ) و ( كلية الطب ) و زملاءه الاطباء.. كان صادق الانتماء.. تمتلئ حياته بالقيم النبيلة.. تخرج في كلية الطب.. عمل طبيبا.. تزوج.. ذهب شهورا قليلة بعيد زواجه لمناطق العمليات كعادته اذ كان لا يغيب عنها كثيرا.. استشهد.. كانت زوجته الاخت الكريمة الدكتورة هدى يحيى ( العروس ) حبلى.. وأنجبت ( دعاء ).. لم تر والدها أبدا.. أطلقت صرختها الأولى في الحياة بعد استشهاده..
دعاء ماجد كامل..
شبت ( دعاء ) ودخلت كلية الطب بجامعة الخرطوم.. وربما جلست في نفس المقعد الذي جلس فيه أبوها في قاعة البغدادي وقاعة أنيس وقاعة التجاني الماحي..
( دعاء ) ناشطة في الحراك الحالي طلبا للتغيير دون تردد..
قرأت في صفحتها:
( يا الله ..
نشكو إليك ضعف قوتنا وقلّة حيلتنا وهواننا على من ملّكته أمرنا ..
قد طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد و قتّلو عبادك وانتهكوا حرماتك .. فأخُذهم أخذ عزيز مقتدر ..
اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ..
اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل ..
اللهم إنا نشكوهم إليك،، و من والاهم وشايعهم ورضي ما يفعلون، أنت الحكم بيننا والعدل أنت ..
اللهم إنك قد حرمت الظلم على نفسك وجعلته محرما على عبادك.. ترى اللهم من يظلمنا وتعلم مكانه، فأرنا فيه عجائب قدرتك وجبروت سلطانك ..
اللهم احقن دماءنا واحفظ أعراضنا وأمِدّنا اللهم بجُندٍ من عندك وانصرنا نصرا عزيزا مؤزرا يثلج الصدور ..
اللهم استودعناك أنفسنا وأعراضنا وأموالنا وأمن بلادنا ..
اللهم تقبل شهداءنا واشف جرحانا وفُكّ أسر مُعتقلينا وأرِنا في قتلتهم وجلاديهم ومن والاهم أمرك الحق في الدنيا قبل الآخرة ..
حسبنا الله ونعم الوكيل ..
#البينّا_دم
#تسقط_بس )
بعد قراءتي لهذه الكلمات دخلت لأقرأ تعليقات من ناقشها وتحول ظني أن موقفها ربما موقف عاطفي تجاه زميل متضرر.. او تأثر عام بالجو المشحون.. تحول ظني الخاطئ ليقين أن بصيرة ( ماجد كامل ) وروحه الوثابة.. وتركيزه على ( المعاني ) لا ( المباني ) نفذت إلى قلب وعقل ابنته عندما قالت لأحد مناقشيها أنها ما أخرجها وزملاءها إلا الحب الصادق لهذا البلد.. والا طلبا لرفعته.. وأن هذا الغرض تماما هو ما أخرج أبي وجعله يقدم روحه..
المشهد الثالث:
ناهد عبدالفتاح عبدالفراج..
علي عبدالفتاح..
هذا الإسم غني عن التعريف.. فهو رمز شباب ( الاسلاميين ) النابغة الاكاديمي طالب الهندسة جامعة الخرطوم.. والتي فقد موقعه فيها بسبب ذهابه المتكرر لمناطق العمليات.. المتحدث ذو الكاريزما الطاغية.. الشاعر المجيد.. الشجاع المقدام.. تذكرت سيرته الطويلة وأنا أقرأ في الفيس لشقيقته الناشطة والكاتبة المبدعة ناهد عبدالفتاح:
( إن تنحيت عن هذا الكرسي البغيض حقنا للدماء ووضعت في تأريخك الأسود نقطة بيضاء فماذا يضيرك؟
علي عثمان مهندس عودة البشير.. ألا تخش أن يمس هذا بنيك؟ أتأمن عليهم من فواجع الأقدار ؟ لا أدري كيف تلتقي أجفانكم وصور هؤلاء اليافعين بهذه البشاعة؟؟
المجتمع الدولي الذي لم يمنع بشار من حصاد مئات شباب سوريا لن يمنعك.. لكن قدرة الله أقوى من كل قوانين الأرض.. الظالم لا يستحق الا حسبي الله ونعم الوكيل )..
المشهد الرابع:
حاجة فاطمة:
( أبوالقاسم العيدروس ) نموذج رابع من شهداء الحركة الاسلامية.. أبوالقاسم من أسرة عطبراوية عجيبة.. عمه أحمد العيدروس قيادي شيوعي كان مرشح الحزب الشيوعي لمدينة عطبرة في انتخابات الديمقراطية الاخيرة عام ١٩٨٦.. والاسرة الصغيرة فيها ممثلين الحزب الشيوعي والحركة الاسلامية.. أبوالقاسم تربى يافعا في كنف الحركة الاسلامية.. عرفته ونحن صغار نبدأ في حفظ القرآن الكريم بخلوة ( مسجد مسعود ) في حي ( الفكي مدني ) بعطبرة..
انقطعت عن الخلوة بسبب انتقالنا للسكن في الخرطوم.. واصل هو وحفظ القران كاملا..
ذهب لمناطق العمليات مرارا.. أصيب في احداها اصابة بالغة فقد فيها احدى عينيه بالكامل.. لم يثنه ذلك.. ذهب مرة اخرى.. واستشهد..
قرأت في صفحة شقيقه ( أسامة العيدروس ) كلمات خطتها والدتهم الكريمة ( حاجة فاطمة ) في حق ابنها المحامي ( عبدالماجد العيدروس ) الناشط في الحراك الحالي والمعتقل حاليا..
فماذا كانت كلمات ( أم الشهيد ):
( أهلي الطيبين.. صباح الخير..الحرية لماجد من أجلي..من أجلكم.. من أجل الشعب السوداني.. رفع ماجد صوت الحق.. وضحى بحريته..فك الله أسره.. ونصره على القوم الظالمين.. الحرية لماجد ولجميع مناضلي السودان.. والمجد والقبول لشهداء الوطن الغالي.. عاش السودان حرا مستقلا.. ولا نامت أعين الجبناء.. تسقط تسقط بس ).
المشهد الخامس:
الدكتور أحمد عبدالله خلف الله.. استشاري التخدير.
أخي وزميلي د. أحمد عبدالله شقيق الشهيد محمد عبدالله خلف الله.. أحد شهداء الحركة الاسلامية.. يعرفه زملاؤه في الدفعة ١٤ طب الجزيرة.. هو كذلك كان من قيادات الحركة الاسلامية في الجامعة.. رجل يحفظ كتاب الله تعالى.. من زمن طويل ظل ينافح عن قيمه التي يؤمن بها.. لم تشغله ( المباني ) من أجسام الحركة والانقاذ عن ( المعاني ) التي يؤمن بها.. اعتقل قبل سنوات اعتقالا متطاولا مع زميله ( د. الأبوابي ) في حراك سابق للأطباء.. واضطره ضيق الحال للاغتراب ضربا في ارض الله الواسعة طلبا للرزق .. شاهدت له في الفيس تسجيل فيديو يقول فيه:
( اراقة الدم الحرام تجاوزت الحدود.. البطش الذي تمارسونه علامة خوف وعلامة نهاية.. آن الان لمحاسبة كل المنظومة الفاسدة.. محاولة الحكومة نسبة الحراك للشيوعيين فزاعة كاذبة لشق صف الثوار ينبغي ألا تنطلي على الناس.. ولا على الإسلاميين تحديدا.. دماء الشهداء التي سقطت في هذا الحراك ستكون مهرا لعهد جديد يحكم فيه السودان من يختاره الشعب دون استعباد أو قهر أو إقصاء أو قتل أو تشريد أو أكل أموال الناس بالباطل )..
وبعد..
هذه المشاهد ليست من باب الحصر.. فالأمثلة كثيرا جدا.. لكنها كانت مصادفة عجيبة جدا لي شخصيا أن أجد في تصفح عاجل لدقائق قليلة في الفيس بوك هذه ( البوستات ) التي تكلم فيها بنت وشقيقة وأم وشقيق شهداء الحركة الاسلامية..
قد يختلف معي الناس حول المبادئ التي قدم لأجلها هؤلاء أرواحهم.. وقد يختلف معي آخرون أن آراء أقاربهم هذه تخص أقاربهم.. وهذا صحيح بالطبع..
لكن ليس هذا كان الغرض من كتابتي هذه.. القضية الواضحة الان أن ثورة تعتمل في صدور الشعب ( وليس المتظاهرين فحسب ).. وإن القراءة الخاطئة من الحكومة لهذا المشهد والمزيد من الإنكار لن يؤدي إلا لإطالة المشكلة والمزيد من الخسائر في الأرواح الغالية.. والمزيد من الإنهاك لاقتصاد البلد المنهار.. وإيقاف كل ذلك رهين بتحقق التغيير الحقيقي وليس الصوري..