كشفت جولة عن كساد وحالة ركود خطيرة داخل الأسواق بولاية الخرطوم فيما اشتكى تجار من هذه الحالة التي أصبحت مهدداً خطيراً لمستقبل تجارتهم، وتأكل رأسمالهم، وارجع التجار حالة الركود هذه إلى الأوضاع الاقتصادية عموماً من ارتفاع في معدلات التضخم، وتدهور القيمة الشرائية للجنيه السوداني، فيما فاقمت الاحتجاجات التي اندلعت مؤخراً من سوء الأوضاع .
ضربات موجعة
وتلقى تجار في الأسواق ضربات موجعة عقب اندلاع الأحداث التي صادفت أعياد الكريسماس، وهو موسم سنوي تزدهر فيه حركة التجارة في البلاد، لكن المظاهرات قطعت الطريق أمام التجار ، وأجبرت المواطنين على الإحجام عن التسوق، ما أدى إلى حالة كساد حسبما يروي التاجر بسوق بحري عبدالباقي النور الذي قال: “إن المواطن أصبح يركز في شراء كل ما هو ضروري فقط من مأكل ومشرب، وإلغاء كل ما هو غير ضروري ومستهلك بشكل يومي.
هذه المعادلة حسب عبدالباقي أحدثت كساداً كبيراً في سوق الملابس، ووضعت التجار العاملين في المجال في وضع لا يحسدون عليه فيما عجز معظمهم عن أداء التزاماتهم اليومية والشهرية من دفع العوائد المفروضة عليهم، وايجارات المحلات، وأجرة العاملين، ولجأ بعضهم الآخر إلى سداد التزاماتهم من اصل رأس المال، وهذا ما ينبيء بخسائر فادحة ربما تخرج بعضهم من السوق .
الشراء بالدين
تاجر سلع استهلاكية عمار محمد يقول: “إن المواطنين يشترون فقط ما يقضي حاجتهم اليومية؛ لذلك فإن حركة الشراء أصبحت ضعيفة جداً، وقد تكون معدومة في بعض الأيام، إلا من بعض الزبائن، فيما يلجأ البعض إلى الشراء عن طريق الدين، وهذا ما ينعكس سلباً على حركة التاجر، وتأكل رأس ماله.
وحذر عمار من اضطرار البعض إلى إغلاق محلاتهم التجارية بسبب الكساد، وتدهور قيمة الجنيه السوداني، والزبادات المتوقعة في رسوم الرخص التجارية والكروت الصحية ورسوم العوائد، ونبه إلى أنه في الغالب يأتي إلى السوق ليجلس أمام محله التجاري يحتسي القهوة، ويتناول وجبة الإفطار، ثم يغادر في نهاية اليوم إلى المنزل دونما تحقيق أي شيء غير التسلية والونسة مع جيرانه في السوق.
حركة مشلولة
محمد النعيم سعيد قال إن حركة السوق في أيام الاحتجاجات تكاد تكون مشلولة سيما إذا ما قرر المحتجون تسيير مظاهرات من أمام محلاتهم التجارية فيضطرون إلى إغلاق المحال التجارية منذ وقت مبكر، والسبب الآخر يتمثل في الكساد الذي ضرب الأسواق بسبب انعدام السيولة وارتفاع الأسعار وعجز المواطن تلبية احتياجاته الرئيسة؛ بسبب هذا الارتفاع، ويقوم بشراء بعض السلع، مثل: الشاي والشكر والدقيق والزيت، وهذه السلع أيضا متوافرة في السوق بكميات كبيرة جداً ما يدل على أن حركة الشراء ضعيفة للغاية، ونبه إلى أن المتاجر أضحت تجمعات لاحتساء القهوة والشاي والونسة ليس إلا .
خسارة فادحة
حالة السوق تصعب على الكافر هكذا بدأ محمد إدريس بائع خضار حديثه قائلاً: “إن حركة سوق الخضار انخفضت بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة، وفي بعض الأيام تتكدس أنواع الخضروات بشكل كبير، ويصاب السوق بالكساد، وهذا ما أدى إلى خسارة فادحة وسط التجار، وفقد بعضهم رأس ماله ولجأ بعضهم إلى شراء الخضار من المنتجين بالدين، وأضاف أن حركة السوق شلت في الأيام الأخيرة بسبب الاحتجاجات، وفضل بعض التجار إيقاف البيع إلى حين استقرار الأوضاع .
حالة صعبة
بائعة بهارات بسوق بحري خديجة سليمان كشفت عن أسوأ أيام واجهتها طيلة عملها في السوق، وقالت: “إن هذه الأيام نعيش أوضاعاً صعبة بسبب الاحتجاجا،ت وأصبحت الأحوال غير مستقرة، وتوقف البيع بسبب بطء حركة الزبائن، وضعف القوة الشرائية للجنيه، وارتفاع الأسعار من تجار الجملة بشكل شبه يومي.
تعطيل إنتاج
شركات كبرى توقفت عن الإنتاج بسبب الكساد الذي ضرب منتجاتها، أو بسبب عدم استقرار سعر الجنيه السوداني أمام الدولار، وتخوف مصدر في من أن بعض الشركات ستعلق أعمالها في البلاد، أو ربما تنقلها إلى دول أخرى بسبب عدم استقرار سعر الصرف، علاوة على كساد منتجاتها في السوق . وقال المصدر: “إن بعض الشركات أغلقت مخازنها، وعينت عليها حراسة أمنية بشكل دائم حتى انجلاء الأزمة”.
تحذير خبراء
الخبير الاقتصادي محمد الناير قال: “إن الاحتجاجات التي تشهدها البلاد هذه الأيام أثرت بصورة كبيرة في الأوضاع الاقتصادية”، وتوقع أن تؤثر بشكل أكبر في دولاب الدولة بزيادة الصرف حال استمرت هذه المظاهرات، وأضاف أن عدم خروج الناس للعمل يؤثر أيضا في العملية الإنتاجية بشكل كامل ويؤثر على حركة تداول النقود والكاش ولفت إلى أن كثير من المواطنين بتجنبون الخروج إلى الشارع خوفا من المظاهرات . ونبه إلى أن تقيد حركة الناس في الولايات بسبب الطوارئ أثر في حركة المواطنين وعلى الإنتاج وأجهزة الدولة.