قال إنه يخشى أن تؤدي الاحتجاجات إلى فقدان الدولة.. هذا هو كلام الخطيب الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري وهو يريد أن يبقى على المنبر لثلاثين عاماً قادمة أيضاً…. ولا مشكلة في أن تبقى الدولة مع الظلم ومع الاحتكار! هو يتحدث عن نظريته في تداول السلطة ولكنه لا يفكر في (تداول المنبر)! ثم يقول كلاماً معكوساً يظن أنه يمكن أن يخدع الناس؛ وهو حديث مكرور إلتقطه من جماعته السياسية ويقول ما معناه: لا تحتجوا أنظروا ما حدث للدول الأخرى؛ ومعنى كلامه لا تحتجوا على الظلم حتى لا تموتوا..! طيب ماذا يحدث إذا اجتمع الموت والظلم! هذا الرجل لا يعرف الخصوصية السودانية التي يريد أن يقارنها بمآلات الشام واليمن، ويقول أنه يخشى على حرق البلاد، ولا يسأل نفسه (قبل ان يسأله الله) من أين يأتي العنف؟ وهو شاهد على ما يجري الآن.. ولكنه لا يستطيع غير أن يرى بمنظار الحزبية، وهو يعلم أنه يجيّر منبره لصالح حزب وليس لصالح عامة الناس، وهو يحكم على الاحتجاجات بأن واجهتها يسارية!!
أليس من الأوجب والأسلم والأهدى والأجدى أن يغادر هذا الرجل المنبر ويعمل عملاً سياسياً مباشراً..؟ لأن تلوين الكلام وتزييف الواقع والوقائع كمقدمة لصلاة الجمعة، يبقى من الأمور غير المستحبة ديناً وعقلاً، وقد سبق أن قلنا لمثيله في اعتلاء المنابر وتزييف الوقائع إن كذبة المنبر بلقاء (لا تنمحي من الذاكرة) وأنه لا يجوز أن يعبّر الشخص عن ولائه الحزبي وموالاته السياسية في منابر المساجد وعن طريق تجاهل الحقائق خشية أو رغبة، فهو يتحدث من منبر يستوجب الصدق في القول لا الاستجابة لترديد ما يقوله الحزب وما تقوله السلطة ..أليست النصيحة لله ولرسوله ولعامة الناس؟
الغريب انه يتحدث عن الحوار الراشد وعن الشورى (أين يعيش هذا الرجل)؟ وهو يرى ما يدور حوله ولم ينصح يوماً جماعته! فلماذا لا يقول لأصحابه ماذا فعلتم بمخرجات الحوار (على علاتها) بعد أن أقسمتم على إنفاذها؟! والأغرب أنه يتحدث عن تداول السلطة وهو يعلم أنه لا تداول للسلطة، ويعلم أن جماعته (كشفت ستر الغيب) وقالت إنها باقية في السلطة (إلى يوم الدين) وبانتخابات أو بغيرها.. ولم يحرك ساكناً.. ومن حديثه تعلم أنه يريد بقاء جماعته في السلطة حتى يظل هو على المنبر.. فقد خلا السودان من العلماء والخطباء إلا من ذواتهم، فقد انفردوا بالمنابر طيلة ثلاثين سنة وطوال تلك الفترة لا تنقل القنوات التلفزيونية خطبة للجمعة إلا من مساجدهم.. وكل هذا لا يرى فيه شيئاً غريباً ولا يرى فيه احتكاراً واستناداً على (سلطة زمنية).. وقد ظل يخطب الناس بأحاديث تحلق في الفضاء، وهو يعلم حال الناس، ويعلم ما يتم إعلانه في التقارير الرسمية عن الفساد وأربابه وما جرى للمال العام، ويعلم عن ثراء المسؤولين من الريع العام… ولكن هل يمكن الفصل بين هذا الخطيب وحزب السلطة..؟! كما يقول الإخوة المصريون (دي صعبة أوى)!