عن اعلان الشرطة السودانية وفاة الاستاذ أحمد الخير عبد الكريم المواطن بمدينة خشم القربة بشرق السودان، بغض النظر عن أي تقرير أو إعلان من جهة هناك مسائل يجب الوقوف عندها :
1- ليس من حق الشرطة أن تعلن عن عدم مساس المجني عليه بسوء في هذه المرحلة، فإعلان كهذا فيه دليل واضح على عدم الحياد لأن الشرطة التي يتمثل دورها في البحث والتحقيق وجمع البينات والأدلة خصوصا في جرائم المادة 130 تدلي بمعلومات مفادها أن شخصا مات نتيجة مرض لا غير هي ليست شرطة، ولا تستحق الاحترام وضابط الشرطة الذي أعلن هذا لا يتمتع بأدنى مسؤولية إذ كم من المتوفين هكذا لم يعلن عنهم. كان حري به وبهم أن يتعاملوا في الجرائم بأسلوب واحد.
2- المجنى عليه تم اعتقاله، وهذا ما أكده الضابط الذي أعلن الوفاة، عليه فإن المجنى عليه لم يفارق الحياة دونما سبب، ويغلب الظن أن السبب بفعل التعذيب، وهذا هو الراجح لسببين:
الأول: هل يعتقل جهاز الامن شخصاً ليلعب معه كرة قدم أو يؤلف كتاباً أو يدرس طلاباً كما حالة هذا المرحوم.
الثاني: لظروف الغامضة التي جعلت الشرطة تعلن عن موت المجنى عليه بهذه الطريقة الهذيلة.
3- لو كان أمر وفاة المجنى عليه عادياً لسارت إجراءات التقاضي بصورة طبيعية، ولا حاجة الى أي اعلان إذ إن النيابة الجنائية تقوم بدورها وتنتقل الى مكان اعتقال المجنى عليه، ومن ثم استدعاء من تراه مناسباً، ومن ثم ستفصح القضية عن نفسها إذ القانون يحمل في طياته مبدأ مهماً، وهو علنية الجلسات، وما الى ذلك من مبادئ تحقق العدالة والنزاهة.
4- رسالتي الأخيرة لكل من يهمه أمر الأجهزة العدلية في السودان الحبيب وهي أن المرحلة التي نمر بها خطيرة، وهي مفترق طرق إذ جهاز العدالة المفترض (شرطة + نيابة + قضاء) يجب ألا يمس بسوء، ونحن كممارسين للمهنة العدلية نحاول في كثير من الحالات إبعاد الشبهة عن هذا الجهاز، ولا نعلن عن جوانب القصور الموجودة فيه لعامة الناس، ونسعى في مذكراتنا الى تطوير العمل، فكيف بنا اليوم نرى الجهاز العدلي يزج به في أعمال السيادة والسياسة التي لا تخفى على طفل بالسودان ناهيك عن بالغ عاقل رشيد.
5- قضايا القتل في أحداث السودان الحالية هي قضايا ذات طابع خاص، على الشرطة أن تقوم بالتحقيق بأعلى مهنية، وكذلك النيابة تشرف على ذلك بذات القدر، وتكون مرحلة التقاضي، ويصدر القاضي الحكم الذي يقتنع به، ولندع الأمر يلقى حظه من الاستئنافات والطعون.
6- كل القضايا هكذا نوع في الاحداث الحالة يمكن إغلاقها بأي صورة الآن، ولكن الشئ المهم أن السلطة السياسية أو التنفيذية عندما تمارس وصاية على القضائية أو العدلية، فإنها وقتية، إذ إن السلطة لا تدوم . وبمجئ نظام جديد ستفتح هذه الملفات لانها ملفات عدالة غابت بسبب عدم استقلالية القضاء.
عليه فإنني:
أدعو جميع زملاء المهنة العدلية الشرفاء في شرطته وقضائه الجالس بشقية (النيابة+القضاء) وقضائه الواقف أن يبادر الى اتخاذ موقف يحفظ للبلاد أمنها واستقرارها العدلي.