قراءة عاجلة فى خطاب البشير
صلاح جلال
- الخطاب فيه نبرة تصالحية فى ظاهره ، ولكن جوهره هجومى على الهبة الشعبية والحريات ،بإعلان حالة الطوارىء، إعلان حالة الطوارىء تتعارض بشكل جوهرى مع مبدأ الحوار المتكافئ ، هل يريد البشير الحوار مع أحزاب مقيدة بقانون الطوارئ ، محصورة فى دورها ومعزولة عن حق التجمهر والتظاهر والصحافة الحرة، معرضة للحبس والسجن فى ظل الطوارئ فى غياب مظلة الدستور والقانون .
- لقد أجهض إعلان حالة الطوارىء كل المعانى التصالحية فى الخطاب ، فالثورة فى الأصل والجوهر، من أجل الحرية والكرامة والعدالة ، من أجل الصحافة الحرة، التى تراقب وتكشف المفسدين، إعلان الطوارىء عودة بالإنقاذ إلى يومها الأول ٣٠يونيوا ١٩٨٩م.
- ما ورد بخصوص وثيقة الحوار الوطنى أيضا إشارة غير موفقة ،تضع سقف أمام الحوار ، يحول دون الحلول الشاملة لتأسيس سلطة إنتقالية كاملة الدسم والمسئولية لمواجهة تحديات البلاد ، الحوار إنتهى لوثيقة إصلاحية غير مجمع عليها حتى بين من شاركوا فى اعمالة، وهو لم يمكن عملية سياسية شاملة من حيث التمثيل والموضوعات .
- حل الحكومة الحالية على المستوى المركزى والولائي ،خطوة صحيحة، لكنها فى الإطار الخاطئ، فالتشكيل يفترض أن يتم فى إطار الشرعية المرفوضة من الشعب ممثلة فى رئاسة الجمهورية، والبرلمان غير المنتخب بحرية ،والذى تسيطر عليه أوتوقراطية حزب المؤتمر الوطنى ،حل الحكومات فى هذا الإطار ، هى أيضا خطوة مفرغة من مضمون التغيير لأساس السلطة التى تظاهر الشعب ضدها، وتأتى فى إطار إثارة غبار بالعودة لذات النظام تحت ساتر حل الحكومة منطلق من ذات الشرعية غير المجمع عليها وهى سبب الأزمة الراهنة .
- إعلان البشير أنه سيقف على مسافة واحده، من كل فرقاء الساحة السياسية ،كلام مستهلك ، لقد قال ذات الكلام فى خطابة بعد الإنتخابات المزورة الأخيرة ،وإنتهى إلى الحالة الحزبية الراهنة ، التى قسمت الشعب إلى حكام ظلمة وجماهير مضطهد .
- تعرض الخطاب إلى واقع الفُرقة والكراهية الراهنة ، لكن الخطاب لامسها ملامسة مخاتلة، لم يحدد أسباب خطاب الكراهية وممارسات الكراهية ، من الدولة تجاه المواطن ،بالمهانة اليومية والضرب بالرصاص ، والتحرش بالنساء ، والقتل بالخاذوق، الكراهية صناعة حكومية مئة المائة ،لذلك معالجتها بالكف عن القهر والإقصاء ، والإلتزام جانب الدستور والقانون والشرعة الدولية لحقوق الإنسان .
- تعرض الخطاب للأزمة الإقتصادية ، هذه الأزمة سببها سياسات النظام الذى يقوده ذات الرئيس من حماية الفساد وسوء تخصيص للموارد ، وجرائم الحرب التى أرتكبها الرئيس ، حتى أصبحت البلاد بسببه معزولة دولياً ، ومحرومة من القروض الميسرة ، والتكنلوجيا، الأزمة الإقتصادية هناك إستحالة لمواجهتها ، فى ظل أى ترقيع لهذا النظام الذى يقوده البشير .
- أشار الخطاب إلى القوات المسلحة ودورها القومى ،نتفق مع ما ورد فى الخطاب ، حول أهمية أن تكون القوات المسلحة وطنية وقومية ، يتم إبعادها من كل انواع التسيس والأدلجة وتكون ممثلة لواقع التنوع فى البلاد بتوازن وعدالة ، وان تكون قوات لحماية الوطن والمواطن ، وان تكون الملجأ الآمن للشعب ساعة الأزمات، ما زال الشعب السودانى يحترم ويقدر تاريخ القوات المسلحة السودانية، وينتظر منها أن تلعب الدور الذى يعزز قوميتها ووطنيتها.
- ختامة الخطاب وكل ما ورد فيه يمثل الموقف التفاوضى الذى، ينطلق منه الرئيس البشير وحزب المؤتمر الوطنى لمواجهة الأزمة الراهنة، ولكنه لا يمثل الحل أو المخرج لأزمة البلاد المستحكمة سياسيا وإقتصاديا.
- بإعلانه لحالة الطوارىء نقل البشير وحزب المؤتمر الوطنى ،الأزمة لمستوى أكثر تعقيداً، الشعب لن يستسلم بعد هذه الثورة ، ويعود للهدوء دون حلول جذرية لأسباب ثورته ، والشباب الثائر أصبح أكثر إحباطاً اليوم عن الامس بهذا الخطاب الذى تحدث ولم يقل شئ ذا معنى ودلالة كعلامة للخروج من المأزق ، والقوى السياسية لن تقبل هذا الخطاب ، غير المفيد لوضع أساس لمخرج آمن لإنتقال سلس .
- الخطاب الأزمة مؤشر على إنفتاح التطورات إلى مستوى جديد، قد يكون أسوأ من المشهد قبل الخطاب ، نسأل الله أن يجنب الشعب السودانى الفتن ما ظهر منها وما بطن .
- نتفق مع الرئيس فى حديثة عن حكمة أهل السودان المجربة عند المحن كلنا ما زلنا نراهن على هذه الحكمة ، وقدرتها على تجاوز الصعاب بما يحافظ على البلاد من المخاطر ،ويحقق الطموحات فى الحرية والسلام والعدالة، بالضرورة لن يحقق طريق الطوارىء هذه المعانى ، الرئيس والقيادة فى الطريق المسدود .