خطاب الرئيس السوداني عمر البشير هذه الليلة دليل قوي على تخبط النظام وعجزه الكامل عن قمع حراك الشارع.
قبل ساعتين عن موعد الخطاب الذي تأخر لاكثر من ساعة ونصف خرج مدير المخابرات الفريق صلاح قوش الرجل الأقوى في النظام حاليا ليكشف عما سيعلنه الرئيس بعد قليل.
تأخر خطاب البشير لاجتماعه بالمكتب القيادي للحزب الحاكم. ثم خرج ليقول لا شيء.
هذا اللاشيء ليس لقوة النظام، لكنه دليل على ارتباك النظام.
قبل ايام التقى الرئيس بالاعلاميين وهاجم قانون النظام العام ووعد بمراجعته ظنا منه ان هذا سيهدئ الاحتجاجات. وبعد ايام لم يحدث شيء.
تغيرت لهجة النظام من اتهام مندسين بقتل المتظاهرين، لدرجة ان مدير المخابرات حدد ان احد المتظاهرين قتلته فتاة مرصودة بسلاح تخفيه في حقيبتها. ثم تراجع عن ذلك واعلن مدير المخابرات استعداد الدولة لدفع الديات وترحم الليلة الرئيس على الضحايا.
يتخبط النظام محاولا تقديم تنازلات في مساحته الامنة ويتمنى ان يكفي ذلك.
فيطلب الرئيس من البرلمان تأجيل النظر في التعديلات التي تسمح له بالاستمرار في السلطة. تأجيل وليس الغاء. ويقيل حكومة معتز موسى المشكلة في سبتمبر الماضي والتي كان رئيس وزرائها حتى أمس يؤكد اننا نسير في الطريق الصحيح. ثم اطاح به الرئيس مساء اليوم.
كلها خطوات مرتبكة تظهر انه لا يوجد توافق حتى داخل البيت الحاكم.
مدير المخابرات كشف ان الرئيس سيستقيل من الحزب الحاكم. لكن بعد اجتماع مغلق لساعات خرج الرئيس ليقول انه يقف على مسافة واحدة من كل السودانيين موالين ومعارضين.
هل تراجع لأنه لم يطمئن للحزب الحاكم اذا تركه؟ أم اجبروه على البقاء خشية أن يغدر بهم ان تركهم؟
خطاب الليلة واحداثها تؤكدان ان النظام يتفكك وينهار. هو محاصر داخل خياراته لدرجة انه يرغب في التراجع أمام ضغط الشارع لكنه لا يجد في خياراته مساحة.
يا له من نظام بائس، يتمنى أن يتراجع فلا يعرف كيف يفعل.