غريب جداً أمر هؤلاء القوم الذين أبتليت بهم البلاد عقوداً من الزمان ففي ظل كل هذا الفشل المريع والإخفاقات في إدارة الدولة وحالة الإنهيار الإقتصادي التي جعلت الدولار يقترب من المائة ألف يريدون من المواطن أن يمشي تحت الحيط وأن لا يقول (بغم) دون أن يقوموا بتقديم أي رؤى للخروج من هذا المأزق سوى إستخدام القبضة الأمنية وردع كل من تسول له نفسه رفع عقيرته بالإحتجاج !
تفاءل الناس خيراً وهم يتسمرون أمام شاشات التلفاز ليستمعوا إلى خطاب الرئيس بحسبانه سوف يضع (الحصان) أمام عربة (الحلول) لهذه الأزمة السياسية المستفحلة أو لمواجهة الحالة الإقتصادية المتردية ولكن للأسف الشديد كان الخطاب مخيباً لآمال وتطلعات الشارع العريض ومحبطاً لكل من كان يعتقد بأنه سوف يكون بداية الحل .
للأسف فإن الخطاب لم يكن بداية الحل بل هو فى الواقع بداية الأزمة الحقيقية إذ أنه أغفل أي إتجاه يسعى لتنفيذ أي من المطالب (المشروعة) التي وضعها المتظاهرون المحتجون وأولها قيام حكومة إنتقالية تفضي إلى وضع ديموقراطي .
لا أدري والله بأي منظار يري هؤلاء القوم (مطالب الشارع) وحجم هذا الحراك الذي عم (القرى والحضر) والذي تجاوز مرحلة الإستماع لعبارات مثل (نحنا سوينا ) و (نحنا أنجزنا) فلو أن الإنجاز تغلب على الفشل والإخفاق لما وصلت البلاد لما هي فيه من (إنهيار) .
إن كان حديث رئيس الجمهورية في خطابه (كلام نوهائي) وأن ما جاء فيه من قرارات بحل الحكومة وتغيير الولاة هو رؤية حزبه لمعالجة الأوضاع الحالية فإن ذلك لا يعدو أن يكون نوعاً من الهروب من الواقع والتمتع بوقت من الزمن الإضافي في محاولة لكبح الحراك الشعبي وذلك بإطلاق أيدي الأجهزة الأمنية لتنال من المواطنين وفق قانون الطوارئ مما يزيد الطين بلة ويمضى بالبلاد نحو المجهول.
لقد (إستغرشنا) كثيراً لما جاء من قرارات بتغيير (الولاة) وحل (الحكومات) إذ أن ذلك لن يغير أو يبدل شيئاً في واقع الحال فالأزمة الجاثمة والمتفاقمة ليس أزمة أشخاص حتى يتم (الشك والتوزيع) بل هي أزمة سياسات لا يجدي معها إلا وجود أرادة للحزب الحاكم للإعتراف بالأخطاء والخضوع لما يقرره هذا الشعب المكلوم.
إن الإلتفاف على (مواضع الأزمة) وحول مطالب الشعب الواضحة وضوح الشمس ورفضه التام لهيمنة الحزب الواحد القابض على (كل شيء) والذي لا يرجع وللا يتراجع ولا يحاسب ولا يرينا إلا ما يرى لا يجدي وعندما قررت جموع الشعب أن تقول (لا) لم يكن ذلك (ترفاً) منها ولا (حركات ساي) بل لأسباب جوهرية أهمها شعور المواطن بأنه (غريب) داخل بلده وهذا لعمرى شيء فظيع لا يحتمل وليل لابد له من آخر .
ختام المقال هو أسف شديد لإنطفاء الضوء الذي كان في آخر النفق بتمسك الحزب الحاكم بعدم البحث عن الحلول للمشكلات التي دفعت الناس إلى الخروج للشارع حتى تتقي البلاد والعباد شر الإنفلاتات الأمنية والإنهيارات الإقتصادية ولم يكن خطاب الرئيس إلا (حركة في شكل وردة) !
كسرة :
سوف تثبت الأيام أن (القوم) يسيرون في الإتجاه الخطأ في التعامل مع هذه الأزمة .. ولكن بعد فوات الأوان !
كسرة ثابتة :
أخبار ملف خط هيثرو شنووو؟ 105 واو – (ليها ثمانية سنين وتسعة شهور)؟ ..