الخرطوم – التحرير:
ظل كرسي وزير العدل بالبرج الفخم بشارع الجمهورية شرق الخرطوم فارغاً منذ إعلان ميلاد حكومة الوفاق الوطني قبل نحو شهر تقريباً، الوزير(المعلن) للوزارة ضمن الحكومة الجديدة الدكتور أبوبكر حمد لم يؤد اليمين الدستورية، وجرى تداول أنباء بعد ذلك عن اعتذار الحكومة له، وترشيح الدكتور عقيد(م) عباس محمد طه عميد كلية القانون بجامعة النيلين لشغل المنصب، إلا أن الدكتور عباس اعتذر لظروف خاصة؛ وظلت الوزارة بلا وزير، وظل الوزير (المعلن) يؤكد بأن قرار اختياره وزيراً للعدل لايزال سارياً.
وبالمقابل، لملم الوزير السابق مولانا عوض الحسن النور أوراقه وودع زملاءه، وغادر مكتبه بالبرج الفخيم، ولازال يعكف بمنزله في انتظار لحظات التسليم والتسلم كإجراء بروتوكولي عادي، بيد أن الحكومة لازالت تلوذ بالصمت، وتدير ظهرها ربما عن كل الأسماء التي رشحت لتولي المنصب العدلي المهم في البلد، وتسد أذنيها عند سماع أي أسئلة أو همهمات حول خلو المنصب، ومن سيتولى زمام الوزارة، ويقود ركبها ليلحق بحكومة الوفاق الوطني.
أجرت “التحرير” استطلاعاً بين المختصين، لمعرفة تداعيات فراغ منصب وزير العدل.
الحكومة ورطت نفسها
نبيل أديب
الخبير القانوني المعروف نبيل أديب يرى أن تأخير تعيين وزير العدل سببه الصراع داخل السلطة نفسها، على الرغم من أهمية المنصب الذي يمثل سلطة شبه قضائية، ويعد أحد أهم أركان العدالة في البلد؛ وقال أديب لـ (التحرير): “ربما أخفقت الحكومة في إيجاد شخصية بالمعايير التي تتوافق والمنصب حسب المعطيات أمامها، لكنها بالمقابل شكلت بفعلتها هذه فراغاً خطيراً جداً، ربما يعمل على تعطيل سير العدالة، إذا ما أغفلت تكليف وكيل الوزارة القيام بمهام الوزير إلى حين تعيين وزير جديد”، وأشار إلى “أن هناك خللاً كبيراً صاحب تعيين وزير العدل مع أن الحكومة أعلنت نيتها تعيين شخصية غير حزبية تتمتع بالاستقلالية لإدارة المنصب، لكنها وقعت في فخ من الصعوبة الخروج منه، وهذا ربما عطل قرار تعيين وزير جديد يدير الوزارة”؛ ويمضي أديب في القول: “إن الوزير المعين نفسه أبوبكر حمد أعلن الأسبوع الماضي أن قرار تعيينه لا يزال سارياً، وينتظر اتصالاً من القصر الجمهوري لأداء اليمين الدستورية، على الرغم من تواتر أنباء عن اعتذار القصر له، والاتجاه إلى تعيين الدكتور عباس محمد طه عميد كلية القانون جامعة النيلين السابق، لكن الحكومة طيلة هذه الأيام ظلت صامتة، فلم تهاتف الوزير المعين، ولم تعلن رسمياً تنصيب الوزير المرشح الجديد”.
الحل في ذهاب النظام الحاكم
صلاح الدومة
المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة قال: “إن الحكومة عجزت عن تعيين وزير للعدل؛ لأنها في الأصل عاجزة عن كل شيء، وأخفقت في كل شيء، وهي – أي الحكومة- ليست عاجزة عن تعيين وزير جديد بمعايير مهنية، إنما عجزت عن تعيين وزير بمعايير لا تسبب لها الإزعاج؛ لأنها تريد وزيراً يسكت ويتستر على جرائمها”، وأشار الدومة إلى “أن تعيين وزير للعدل مثير للجدل، بما أشيع عنه، وهذا يعدّ قمة الفوضى وغياب هيبة الدولة وتخبطها”؛ وأضاف: “الحل الآن ليس في تعيين وزير للعدل من عدمه، الحل في ذهاب النظام الحاكم غير مأسوف عليه”.
التأثير في سير العدالة
علي السيد
ويرى القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل علي السيد المحامي “أن غياب وزير العدل سيؤثر في سير العدالة، ويؤدي إلى تعطيلها؛ لأن المنصب منصب قانوني، ولوزير العدل مهام مرتبطة بالجمهور خصوصاً في حالة مقاضاة الدولة، وهذا ربما يعطل حتى عمل الوزارات الأخرى”.