لقد استهجن الرئيس عمر البشير شعار “أي كوز ندوسو
دوس”، بوصفه دليلاً على بث الكراهية، التي حذَّر منها، حتى لا تقود البلاد
إلى الفوضى، إلا أنَّ قانون الطوارئ الذي أصدره وأطلق بموجبه يد القوات النظامية
لتنتهك الحرمات، وتصادر الحريات من دون رادع هو الذي سيقود البلاد إلى مآلات
وخيمة، وكراهية لا حدَّ لها.
إنَّ محاولة الرئيس دفع الجيش إلى مواجهة الشعب هي
الفوضى بعينها، وأثبتت أحداث الأيام التي تلت الخطاب ذلك، وكان أبرزها اقتحام
جامعة “مأمون حميدة” وإهانة طلابها وطالباتها بالاعتداءات الجسدية
الجسيمة، والسلوكيات غير الأخلاقية، والتحرُّش الفاضح بالطالبات، في انتهاك للقيم
السودانية الأصيلة، ثم اقتحام داخلية “حواء” للطالبات بحجة أن طالباتها
صورن احتجاجات جامعة الأحفاد للبنات، إلى جانب قصف الطلاب والطالبات بالغازات
المسيلة للدموع في الحرم الجامعي، وداخل قاعات الدراسة.
وحاصرت القوات الأمنية الأحياء، واقتحمت المنازل،
منتهكة حرمتها، ورمت سكانها بالغازات المسيلة للدموع، حتى استشهد بعضهم، ومرض
كثيرون استنشاق تلك الغازات، لتضاف هذه الانتهاكات إلى دهم المستشفيات وإهانة
الأطباء والطبيبات، إلى حدِّ ضربهم، وحلاقة شعورهم بطريقة مهينة.
وتأتي جريمة اغتيال طفل دهساً بسيارة أمنية
“تاتشر” لتمثل تأكيداً لمضي النظام في جرائمه، وتذكيراً بتلك التي كانت
في دار فور، وأماكن الصراع، وكانت من مسوغات قرار المحكمة الجنائية الدولية بالقبض
على رئيس النظام، ومعه عدد كبير من دهاقنته.
إنَّ الشعارات لا تصنع كراهية بقدر ما تعبر عن الغبن
الذي تعرض له أصحابها، ومطالبتهم بالقصاص ممن كانوا وراء تقسيم البلاد، وتقزيم
حدودها، وسببوا انهيار مشروعاتها الوطنية، وقتل أبنائها جوراً وظلماً وتجبّراً،
وتشريد شبابها، وخيرة خبرائها وعلمائها، ونهب ثرواتها، وانتهاك حرماتها، وإهانة
إنسانها.
إنَّ محاولة رمي أثقال فشل النظام الذريع على كاهل
الجيش هي التي تؤدي إلى الكراهية، وتؤكد أنانية الحاكم الذي اختطف الوطن، واختصره
في نفسه، ولم يعد يرى غير الجنائية التي تطارده، وما زال الأمل في الشرفاء من
أبناء القوات المسلحة الباسلة لإدراك هذا المخطط الجهنمي الذي يحاول شيطنتهم،
ودفعهم إلى مواجهة أهلهم في سبيل إنقاذ مرتكبي الجرائم، الذين رموا الوطن في مهب
الريح.
لقد فاقت انتهاكات النظام كل تصور، ومثلت شيئاً جديداً
لم يأته أي نظام عسكري في السودان مهما كان جبروته، حتى لم يعد لانتهاكاته سقف أو
حد، ولهذا لا يعبر عن المآل الذي يستحقه غير شعار: “تسقط بس”.