رغم كل الحراك الذى يشهده الشارع السودانى منذ ديسمبر المنصرم .. احتجاجا على تردى الاوضاع الاقتصادية فى البلاد .. وعلى الاحتقان السياسيى الذى عجزت الانقاذ فى نسختها السابقة عن الانعتاق منه .. ورغم ان الرئيس شخصيا يتحمل الجزء الاكبر من المسئولية .. فالسودان محكوم بنظام رئاسي .. السلطة النهائية فيه للرئيس .. حتى جاءت مخرجات الحوار الوطنى .. و أتت برئيس للوزراء .. نقول رغم كل الحراك الماثل الان .. فلن ينكر الا مكابر .. ان للرئيس ايام خالدات مع شعبه .. ستظل محفورة فى ذاكرة الرئيس .. و كذلك فى ذاكرة الشعب .. ايام التحم فيها الرئيس بشعبه التحاما مباشرا .. صافح من صافح بيده .. ورأى انفعالات شعبه بعينيه .. وسمع هتافاته الصادقة باذنيه .. لا عبر وسيط .. التحامات لم يصنعها المؤتمر الوطنى .. ولم تصنعها الحركة الاسلامية .. بل صنعها الشعب بنفسه و بعفويته .. برجاله ونسائه واطفاله .. و شيبه وشبابه .. حين اندفع الى الشوارع فى حشود .. لا مدفوعة ولا مصنوعة ..!
و سنقف عند يومين .. يحفظهما التاريخ عن ظهر قلب .. و يذكرهما الرئيس بحب ولا شك .. ويذكرهما المخلصون بحسرة .. ولسان حالهم يتساءل .. هل من عودة هل .. ؟
ولعل حكمة الله وحدها .. ورغم انف الكثيرين .. تجعل اليومين من ايام القوات المسلحة .. جيش السودان الباسل .. اما اليوم الاول فقد كان حين صدر قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتبار الرئيس مدانا .. وعليه المثول امام المحكمة متهما فى جرائم ابادة جماعية ضد شعبه .. كان توقيتا غريبا ذلك الذى صدر فيه ذلك القرار ..فقد كان الرئيس فى وادى سيدنا .. معقل جيشه .. حيث مصنع الرجال وعرين الابطال .. يحتفل مع قواته .. وحين صدر القرار كان المراقبون يتوقعون كل شيء .. الا الذى حدث بالفعل ..كان الشعب الذى تتهم الجنائية رئيسه بابادته يتدفق الى الشوارع كالسيول .. ويحاصر موكب الرئيس بلا حواجز .. و بلا دعوة من حزب او حركة .. رافضا قرار الجنائية .. متمسكا برئيسه .. كان ذلك يوما مشهودا ..لا شك انه ما يزال منقوشا فى ذاكرة الرئيس .. والمثير حقا .. ان الرئيس كان فى كامل بزته العسكرية ..!
اما اليوم الثانى .. ففى الواقع كان يوما خالصا للجيش .. لم يشاركه فيه احد .. الا الشعب الذى تدفق الى الشوارع فى جنون .. متجها فى تلقائية نحو القيادة العامة للقوات المسلحة ..تهتف للجيش و للرئيس .. كان ذلك يوم تحرير هجليج من قبضة قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان .. او جيش جنوب السودان .. و مرة اخرى تخرج الجماهير دون دعوة .. ودون تحشيد .. و تلتحم برئيسها دون حواجز .. كانت الجماهير تحاصر منصة نصبت على عجل ليخاطب الرئيس من فوقها شعبه .. كان الشعب يشكر الجيش .. والرئيس يشكر الشعب .. وحين انهى الرئيس خطابه .. وغادر المنصة بابتسامة مشرقة على وجهه .. سالنى عن رأيى مشيرا الى الحشود .. قلت له هذا حشد حقيقي صنع نفسه بنفسه .. ولكنى استدركت متعمدا .. ولكن سيدى الرئيس .. هذه الحشود قد خرجت للجيش لا للمؤتمر الوطنى .. واكملت .. ما تقلبها عسكرية وتريحنا .. اجابنى و هو ما يزال محتفظا بابتسامته .. عبد الرحمن الخضر برضو قال لى كدة .. دهشت .. فقد كان عبد الرحمن الخضر وقتها شيئا مهما .. !
وقد انتظرنا طوييلا..؟!