اليوم لا يمكن لأي منتج أو خدمة أو حزب سياسي أو أيديولوجية أن يزدهر، ناهيك عن البقاء على قيد الحياة، دون الوصول إلى قنوات الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، مثل فيسبوك، أو تويتر، أو يوتيوب أو أواتساب، أو ماسنجر، أو جوجل…الخ.
نحن (نحو 40%
من سكان العالم) نقضي معظم حياتنا (في المتوسط
أكثر من ساعتين يومياً في مشاركات
وإعجاب وتغريدات ونشر قصص وأخبار وفيديوهات وإعلانات) على الشبكات الاجتماعية.
ويُقدر أن يقع
نحو نصف مليون تغريده وصور سنابشات كل دقيقة. هذا هو المكان الذي نحصل فيه على
معظم المعلومات (نحو 62% من الناس يحصلون على المعلومات من الشبكات الاجتماعية)،
إن لم يكن كلها.
معظمنا ليس لديهم أدنى فكرة عن مدى قوة شركات الفيسبوك
والتويتر واليوتيوب العظمى على حياتنا. إنهم ينشؤون خوارزميات تقوم بتصفية وتنظيم وفهم
جميع المعلومات التي نقدمها لهم طواعية يومياً دون أن ندري باستخدام تقانات متقدمة
(مثل: تحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي) على بيانات المستخدمين
وتحركاتهم، وما يقولون، أو يفعلون، بل وكل نقرة على الشبكات الاجتماعية.
إنهم يعرفون كل شيء عنا، وما نحبه، ومن نتحدث إليهم،
وحتى ما نشعر به؛ لذلك يتمتع كل هذه الشبكات الاجتماعية بمزيد من السلطة، ويعرفون
المزيد عنا، أكثر من أي وكالة استخبارات سرية، وأكثر من أي حكومة مركزية.
وأثبتت حالات حديثة، مثل الربيع العربي وفضيحة انتخاب ترمب ومشكلة خروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبي
(بريكسيت)، أن فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب لديهم قوى خارقة، فبفضل فيسبوك، وتويتر، وجوجل،
فإن المتابعين (followers) والردود على التغريدات (
retweets ) و الإعْجاب (
likes) كانوا
أكثر أهمية من الحقيقة الواقعية. هذا هو السبب في أن أصبح ترمب هو الرئيس ويفسر لماذا
يؤيد أغلبية (55 مليونًا من أتباع ترامب) العنصرية والشعبوية وبُغض النساء، فبدون
تويتر وفيسبوك كان من الأرجح ألا يكون ترمب رئيسًا.
إن نماذج أعمال الشبكات الاجتماعية بسيطة: امتلاك جميع
البيانات والتحكم فيها عالميًا مركزيًا. إنهم يجمعون بيانات المستخدم، ثم يستثمرون
تلك البيانات عبر الإعلانات.
فيسبوك ليست
أكثر من شركة جمع بيانات شخصية مع بعض الأدوات التقانية المتقدمة لتسهيل ذلك. إنهم
ليسوا المُنتج، ولكننا نحن. جميع بيانات المستخدمين الخاصة بنا مملوكة ويسيطر
عليها فيسبوك. وللمحافظة على سعادة حملة الأسهم، يحتاج الفيسبوك إلى النمو، ويحصل
باستمرار على المزيد من بيانات المستخدمين، ويجد طرقًا جديدة لتحقيق الدخل لزيادة
الإيرادات.
وفي عام 2018م، بلغت القيمة السوقية لفيسبوك نحو 560
بليون دولار، بينما كانت قيمة تويتر30 بليون دولار، وقيمة سناب 16 بليون دولار.
أما ثروة الرئيس التنفيذي والمؤسس “مارك زيكربرج فتقدر بنحو 66 بليون دولار.