هذا مقالى فى صحيفة الأهرام عن الاخ والصديق العزيز الصحفى السودانى الكبير الأستاذ عثمان ميرغنى فى ٣٠ يونيو ٢٠١٤ عندما تم الاعتداء عليه فى مكتبه..أهديه له اليوم فى زنزانته بالخرطوم ..واقول له ان الفرج والنصر قريبان.
قبيل نصف ساعة من موعد إفطار رمضان السبت قبل الماضى تعرض عثمان ميرغنى أحد أبرز الكتاب السودانيين ورئيس تحرير صحيفة التيار فى مكتبه بوسط الخرطوم ، لعدوان همجى من قبل أشخاص يحملون هراوات ضخمة، ظلوا يتناوبون ضربه بقسوة ،
ولم يتركوه إلا بعد أن ألحقوا به إصابات بالغة ، فى وجهه وأنفه وعينيه وباقى أجزاء جسده، ونزف الدم منه بغزارة ، قبل أن يستولوا على هاتفه المحمول وجهاز الكميوتر. وعقب الحادث وجهت الصحف الحكومية اصابع الإتهام لجماعة تدعى جماعة حمزة قالت إنها تقف وراء الاعتداء انتقاما من آرائه بشأن اسرائيل، إلا أن كثيرين يرون أن هناك جهات أخرى تقف خلف الحادث لم يكن يرضيها فتحه لملفات الفساد ، وخروجه عن صفوف الإسلاميين فى السودان ، باجتهاداته التى يقدمها يوميا عبر عموده حديث المدينة.
وقد عزز الشكوك الأخيرة شهادة عثمان نفسه الذى قال إنه لا علاقة لما سُمى بـ (جماعة حمزة) بالاعتداء ، وقوله: المجموعة التى قامت بضربى كان واضحاً جداً انها تنتمى لـ (جهة منظمة ومحترفة) ، جهة تمارس التعذيب بطريقة روتينية احترافية ، كانوا ينفذون (أوامر وتعليمات) من جهة ما.
وحول تأثير هذا الاعتداء على مسيرة الصحافة والصحفيين فى السودان ، قال عثمان : ( قال لى مواطن زارنى بالمستشفى : أصبحت المعركة واضحة فى بلادنا ، لا توجد منطقة وسطى، على طريقة أما ان تكون معنا أو ضدنا ، وصدق هذا المواطن فبلادنا تنزلق لمنحدر خطير، وانتقلت ثقافة العنف التى كانت تمارس بعيداً إلى وسط الخرطوم، ولك ان تتخيل المآل، وفى مثل هذه الظروف يدفع الباحث عن الحقيقة والتغيير الضريبة).
كان المستهدف على ما يبدو قلم عثمان الجرىء وأنفه ، أرادوا كسر عزيمته، فقام رافعا رأسه وقلمه رغم الآلام والإصابة، ليواصل مسيرته وأمثاله من الصحفيين السودانيين رغم الظروف الصعبة المريرة ،التى دفعت أعدادا كبيرة منهم إلى الهجرة ، ومن بقى منهم يواجه المنع أو التقييد أو المصادرة أو العدوان أو القتل ، كما حدث للصحفى الراحل قبل بضع سنوات محمد طه .