حضرت جلستين أمس واليوم بخصوص ابني منذر ، وشاهدت من المهازل التي لا يمكن حصرها ، ولكن سوف أحكي البعض منها.
قبض على ابني منذر في شمبات في مظاهرة يوم الخميس الماضي وكانوا عدة مجموعات ، كل مجموعة تم القبض عليها بواسطة عدد من أفراد الشرطة ، وكل مجموعة يأتوا بها إلى قفص الإتهام ويتم استجوابهم بوجود النيابة والدفاع الذي يمثل المتهم ، ابني والحمد لله وقف شامخا ، وقال لا يوجد لديه أي شهود والحمد لله اكبرت فيه هذه المسألة حتى لا يأتي أحد وبحكم العاطفة يحلف زورا.
لكن الأدهى والامر كان معه في السجن بعد أن تم القبض عليهم ابن الطاهر هارون وأنا اعرف والده بحكم صلاته معي في المسجد وهو رجل تقي وورع وإنسان مهذب ، وكان أستاذا في جامعة الخرطوم في كلية الزراعة وهو شقيق احمد هارون.
ابن هذا الرجل قضى مع المجموعة التي بها ابني والمكونة من (16)شخصا ليلتين في السجن ، وتفاجأنا عندما بدأت الجلسات والتي تم رفعها لليوم الثاني لسماع الشهود باختفاء ابن أخ أحمد هارون ، سألت منه أحد القضاة في الاستئنافات في نفس المجمع ، وكان مستاء جدا لمثل هذه الأشياء ، وقيل أن هذا الوالد تمت محاكمته بمفرده وتم إطلاق سراحه لعدم وجود الشاكي والشاهد مع العلم أن اسمه مكتوب في نفس المجموعة التي بها ابني والقاضي هو نفسه الذي حكم على ابني ، تحسرت على وضع القضاء والذي فسد فسادا لا يمكن اصلاحه وحسب رؤيتي قاضي نزيه لا يمكن أن يعمل في ظل قانون الطوارئ ، لأن فيه تعطيل مؤقت للدستور ، فكل قاضي نزيه وشريف اعتذر عن هذه المحاكمات ، وحسب وجهة نظري لو اضطررت أن تعمل في مثل هذه المحاكم يجب أن يكون لديك ضمير!!!.
تمت محاكمة المجموعة أربعة منهم أخذوا براءة ، وابني منذر حكم عليه بأربعة أشهر وثلاثة مليون غرامة وتفاوتت الأحكام ما بين ست شهور لتسع أشهر للبقية ما عدا واحد حكم عليه بسنة واحدة ، حتى العقوبات لا توجد عليها لوائح تنظمها.
بعد الحكم هتف الحضور على هذا القاضي الفاسد وفساد القضاء عموما ، ولم يقدروا على محاسبتهم وهذا دليل على صدق قولهم.
إنني اتحسر على السودان ، وعلى هيبة القضاء التي انتهت مع انتهاء دولة القانون ، فيا سودان عليك السلام ، وهذا وضع لا يمكن اصلاحه ، وأول مرة اقتنع بأن هذه الإنقاذ أفسدت أهم مؤسسة وهي القضاء بسياسة التمكين.