تجمع المهنيين السودانيين المعارض الذي يقود مركب الاحتجاجات منذ 19 ديسمبر من العام 2018م ، استطاع في فترة وجيزة خطف الأضواء بعد نيله ثقة الشباب المنضوين تحت لواءه ، ووحد قوى المعارضة الموقعة على ميثاق الحرية والتغيير رغم خلافاتها وتقاطعاتها السياسية ..الحكومة وصفته بالغامض واتهمته باثارة الفوضى والتخريب ، ثم عادت وطرحت الحوار مع الشباب ، (الجريدة) حملت كل هذه الاستفهامات وألقت بها في منضدة المتحدث باسم التجمع المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية الأستاذ صلاح شعيب وخرجت بالافادات التالية فالى مضابط الحوار.
- متى بدأت فكرة تجمع المهنيين السودانيين؟
- أولا، التجمع هو منصة نقابية تبني على إرثنا النقابي في شقيه النضالي والمطلبي، وهو لا ينقطع عن هذا الإرث وإنما امتداد له. تأسس تجمع المهنيين بشكله الحالي، عام 2016 بكتابة أول ميثاق للمهنيين بين ثلاثة مكونات وهي لجنة أطباء السودان المركزية وشبكة الصحفيين السودانيين وتحالف المحاميين الديمقراطيين.وقد كانت هنالك محاولات تاريخية عديدة لتكوين بعض الأجسام للمهنيين تدافع عنهم وتعمل على تحسين وضعهم أبرزها تجربة تكوين جسم تحالفي للمهنيين في 2012 ثم 2014 . يضم تجمع المهنيين حاليا ثمانية أجسام بينها ميثاق وأهداف مشتركة تم إعلانها في منتصف العام 2018، مع وجود عدد كبير من الأجسام المهنية التي أعلنت دعمها للتجمع في انتظار الانضمام الرسمي.
- ماهي الأجسام المنضوية تحت مظلة التجمع حاليا ؟
- لجنة المعلمين، لجنة أطباء السودان المركزية، التحالف الديمقراطي للمحامين، شبكة الصحفيين السودانيين، رابطة الأطباء البياطرة الديمقراطيين، تجمع أساتذة الجامعات، نقابة أطباء السودان الشرعية، لجنة مبادرة استعادة نقابة المهندسين، لجنة الصيادلة المركزية، تجمع المهندسين السودانيين، تجمع التشكيليين السودانيين، جمعية اختصاصيي الإنتاج الحيواني، تجمع ضباط الصحة.
*في أول ظهور له كانت مطالب التجمع قاصرة على تحسين الأجور لكنها تحولت الى سياسية بعد اندلاع الإحتجاجات في ولايتي نهر النيل والبحر الأحمر؟
كما تعلم ان امر الأجور وتحسينها متصل بالسياسات الاقتصادية، وذلك في بيئة معطونة في الفساد وغياب الخطط الواضحة للاهتمام بالشرائح الضعيفة. ولذلك لا يمكن ان تكون هناك استجابة قصوى للمطالب النقابية ما لم تكن هناك إمكانية للإصلاح الاقتصادي الشامل وهذا لن يتم ما لم يكن هناك تغييرا في بنية الحكم. ومن ناحية أخرى لو رجعت لبياناتنا الاولى حتى الآن ، فإننا ظللنا نربط التحسن في جانب حالة المواطن بتغيير النظام جذريا، وما نزال نرى ان مطالبنا لم تفرضها حالة الفشل الاقتصادي وإنما تتصل باستعادة الديموقراطية وتحقيق مجتمع الحرية والعدل والمساواة.
*التجمع بدأ خطة التغيير منفردا وعندما فشل قبل بالأحزاب المعارضة؟ - التغيير يتطلب أصلا تضافر كل مكونات الشعب السوداني والتجمع واحد منها والدليل على ذلك ان لدينا ميثاق مع قوى الحرية والعدالة لإسقاط النظام وهذا الميثاق تزامن مع الشهر الأول لحدوث الحراك. التجمع كان له سبق الريادة في تنظيم الحراك الثوري عمليا بعد تظاهرة عطبرة ولاحقا تواثق مع القوى السياسية لإسقاط النظام.
*شعار التجمع (تسقط بس) وصف بأنه اقصائي وعدمي ولا يؤسس لتغيير يستند على الديمقراطية والتداول السلمي؟ - أي شعار سياسي يختزل معان فكرية وسياسية، ومن الخطل الكبير الحكم على هذا الشعار بانه فارغ من المعنى او عدمي او إقصائي، ومن يقصي من؟ ومن هم الذين يقصون الناس أصلا وما زالوا؟ القول إن التجمع يحمل شعار عدميا او إقصائيا يعبر عن خفة سياسية. التجمع له أدبيات ومواثيق وبخلاف توافقه مع قوى إعلان الحرية والتغيير حول مستقبل البلاد فإن قادته ومؤيدي حراكه خبراء في شؤون الحكم الرشيد وهم مفكرون في كل مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة ويدركون معنى الثورة. ولماذا لا يرى نقاد التجمع لو كانوا حادبين الشعارات الأخرى الكثيفة ومن بينها (حرية ..سلام ..وعدالة)؟.. ما يؤسس لتغيير يستند على الديموقراطية والتداول السلمي هو ايماننا ودعمنا لكل خطوة لإنهاء الاستبداد وهذا هو الموضوع الجوهري. إذن فليرم كل رام سياسي رميته أولا لخلق واقع ديموقراطي أفضل وهذه هي اولوية الحاضر السوداني.
*الحكومة توصم التجمع بالغموض وتتهمه باثارة الفوضى والتخريب؟ - أولا هذه الحكومة نفسها جاءت بالغموض، ولذلك ليس هناك مسوغا اخلاقيا لدى قادتها ومؤيديها لرمي التجمع بما فيهم وينسلون هكذا..انها جربت عدم الصدق بان المظاهرات هدفها التخريب والفوضى وأنها مدعومة من الحركات المسلحة وإسرائيل حتى..الشعب السوداني تجاوز هذه الترهات السياسية ويواصل في نضاله ، وان غدا لناظره قريب. ومن لم يصدق مرة يصعب تصديقه مرة أخرى وهذا هو الواقع الملفوف حول النظام ومؤيديه. التجمع اربك الحكومة وما يزال يحقق انتصارات عليها ولذلك تتهمه الحكومة بكل شئ لإيقاف الحراك المتصاعد، ولكن هيهات.
*سياسة النفس الطويل ارهقت الحكومة والتجمع معا فالاحتجاجات بدأت منحسرة واشكال المقاومة الاخرى مثل الاضراب لم تبلغ مداها وصولا للعصيان المدني؟ - نعم الحكومة أرهقت وشلت فاعليتها ما دعاها للعودة لمربع الحكومة العسكرية وهذا تطور جاء بسبب ضغط الفعل الثوري. بالعكس التجمع الان ينوع في أشكال قيادة المقاومة وكل يوم يحقق نجاحا عمليا ومعنويا. الاحتجاجات لم تنحسر وتكسب أرضيات دعم جديدة في ظل تراجع فاعلية القرار الحكومي كما اسلفت والعصيان الجزئي برهن على إمكانية التخطيط للعصيان المدني الشامل وعندها سيرى المراقبون صدق ما نقول بان هذه الثورة قامت للوصول إلى غاياتها.
- نشاط التجمع في الخارج اوسع هل هناك دعما يقدم له من جهات خارجية؟
التجمع ليست له فروع في الخارج مطلقا ونحن كمتحدثين تفويضنا محصور في تنوير الرأي العام الإقليمي والدولي وتنوير مواطنينا في الدياسبرا حول عمل التجمع وخططه. والتجمع لا يتلقى مطلقا دعما من الخارج ولكن مجاميع السودانيين الشرفاء هم الذين يدعمون الثورة من حر مالهم ولسنا في حاجة للاستعانة بجهات اجنبية لدعم الحراك وانى لنا فعل ذلك. - بالرغم من محاولات كسر الطوق للطوارئ إلا أن إعلانها اثر على نشاط التجمع؟
- هذا ليس صحيحا، وما هو السياق الذي فرض فيه النظام حالة الطوارئ؟ اوليس هو سياق الثورة التي جعلت النظام يسعى لحلول عسكرية وأمنية ومع ذلك لم ينجح بنجاح التظاهرات التي جرت بعد اعلان حالة الطوارئ. اما بخصوص نشاط التجمع فهو متصاعد واوضحت لك هذا في الإجابات السابقة.
- الا تعتقد أن قرارات البشير الاخيرة ايجابية فالرجل طالب البرلمان بإرجاء التعديلات الدستورية التي تسمح له بالترشح وقال: إنه سيقف في منصة قومية من الجميع مولاة ومعارضة؟
كل قرارات البشير التي اعقبت قيام الثورة هدفها اعادة انتاج النظام، ليس في هذا ادنى شك. ومع ذلك لم تنجح في محاصرة الثورة والثائرين. - ما يحدث حتى الآن على الارض هو مجرد احتجاج وليست ثورة؟
- بالنسبة لنا وللشعب السوداني هي ثورة كاملة الدسم وأنتجت أدبياتها على المستوى الفكري والسياسي والثقافي والاجتماعي والأدبي والفني، ودونك الرجوع إلى ارشيف الثورة الذي يتراكم كل اليوم، اذ جسارة وصمود الثائرين عنوانها الأبرز. اما من أراد ان يصفها بانها احتجاج فهذا من حقه ونحن لا نكمم الأفواه. ولكن ما أستطيع قوله لك انها ثورة ستنتج وضعا أفضل لشعبنا وستكون اضافة لثوراتنا وثرواتنا.
- هل ترفضون التنسيق والعمل مع مبارك الفاضل وغازي والاسلاميين؟
- الموضوع ليس هو موضوع رفض زيد من الناس او عبيد منهم دون الانضمام لجحافل الثوار او تخلقان الثورة. ونحن لا نملك تحديد خيارات البشر في هذه الحياة. كما ان لقادة التجمع حقهم في هذه الحياة ان ينسقوا مع هذا الشخص او ذاك، وهم احرار، كما كان للآخرين الحرية للانضمام للإنقاذ والخروج منها متى ما أرادوا ولم ينازعهم احد في ذلك. المهم هو ان من حقوق قادة التجمع الأساسية والديموقراطية تحديد خيارات التعاون مع هذا القائد السياسي او ذاك متى ما رأوا ان التنسيق مع هذا القائد يعجل بذهاب الطغيان.
*اتهمتم بطرح ثورة غير مقيدة الضوابط تتجاوز العلمانية وفصل الدين عن الدولة؟ - الاتهامات التي وجهت للتجمع كثيرة واشد قوة من هذا الوصف لطرح الثورة المتضمن في سؤالك. نحن لم نصل بعد مع حلفائنا في مكون قوى الحرية والتغيير إلى تحديد دستورية الدولة او علمانيتها. فانشغالنا الأساسي هو إزاحة النظام، اما ما يترتب على هذه الازاحة من حيث سياقه الراهن والمستقبلي فهو امر يخص كل السودانيين. وبإرادتهم الجمعية يحددون نوع الحكم وليس هناك طرفا واحداً من قوى الثورة يستطيع بطبيعة الحال ان يفرض شكلا محددا لحكم البلاد. السودانيون جميعا سيجلسون بعد سقوط النظام لتقعيد دستورية الدولة في مرحلة الانتقال والانتخاب بناء على الأسس الديموقراطية. واحدة من أهداف الثورة الأساسية هي لم شمل السودانيين جميعا بعد سقوط النظام للتقرير بشأن مستقبل البلاد وعندئذ فهم احرار وقادرون على حلحلة الأزمات المتعلقة بشكل الحكم.
- بحسابتكم كم تبقى من الزمن لإنجاز اهدافكم؟
- بطبيعة الفعل السياسي فان التكهن حول موعد وصول الثورة لغاياتها القصوى يصعب. للثورات أمل اول وهو التخلص من الوضع السائد والانتقال إلى الوضع النموذجي او المثالي. هذا شأن كل ثورات التاريخ. والثورة الحالية ليست بدعا في معرفة تاريخ انتصارها. فالثورة فعل تراكمي ينضج احيانا بسرعة وأحيانا بهدوء وذلك بناء على معطيات الواقع ومنكداته العضوية. ولكن بشكل عام أستطيع القول ان ثورة السودانيين الان ضد الاستبداد تسير نحو خواتيمها. والأيام دول. وبخلاف ذلك فان غدا لناظره قريب.
حوار: أشرف عبدالعزيز
شبكة السودان نيوز