استمعت لوزير الإعلام في قناة عربية وهو يقلب الحقائق رأساً على عقب (عيني عينك) ويطعن كل حقيقة ومسلمة لا تفوت على راعي الاسكيمو وهو يطار الرنة في الهضاب الثلجية للقطب المتجمد الشمالي بعيداً عن دنيا السياسة وبلاويها..! وهو يعلم أنه يشقلب الحقائق ويغالط وقائع الحياة السودانية في حاضرها وماضيها ويأتي بنقيضها كأنه لم يكن يسرد ذات الوقائع (بالمقلوب) قبل أن يقفز إلى (قارب الاستوزار) ويقلب لسانه بسرعة لا يستطيعها آكل النمل أو العظايا الاستوائية التي جعل الله رزقها في لسانها! وللرجل تخريجات عجيبة عن الكفاءة وعن الحوار وعن (التكنوقراط) وعن مقاييس وأوزان القوى السياسية..! وهو مرجع نفسه في تحديد الكتلة الشعبية الأكبر والمجموعة السياسية الأصغر.. وينسي أنه قادم من شريحة حزبية، خرجت من شريحة خرجت بدورها من شريحة وخرجت تلك الأخيرة من حزب ولم يترك هذا الزحف المتصل غير الارتياح في صفوف الأحزاب التي تريد أن تريح نفسها من دوشة الدماغ..!! هو يكثر من الحديث عن الجماهيرية ولكن إذا قيل له آت لنا بأربعة أشخاص من عضوية شريحتك التي تسميها حزباً ليساعدوا في دفع سيارة خمدت بطاريتها لأعياه أن يجد معه ثلاثة آخرين يكون رابعهم..!
سألوه عن شروط الحوار فقال لا باس أن يتم التحاور مع المسجونين.. قالوا له وكيف يستقيم ذلك؟ مسح وجهه وقال إن أعظم الحوارات هو الذي جرى مع نيلسون مانديلا وهو في السجن..! والرجل بذلك يضع نفسه وفرقته في مصاف جماعة الفصل العنصري و(الابارتهايد) فهنيئاً له بهذه القسمة وهذا المثال..! لو جاءت هذه التخريجات العجيبة من المؤتمر الوطني لكانت في مكانها، ولكن أن تأتي ممن يتقمّص مقولات المؤتمر الوطني ويزيد عليها من أجل أن يتفوق على (أصحاب الجلد والرأس) فتلك شيمة معهودة في من يريد أن يثبت للجماعة التي تأويه أنه يواليها ويماليها بأكثر مما تظن! وهذا هو المأزق الذي يواجه كل (متتورك) يريد أن يُحظي برضا الإستانة وبركات اسطنبول! وهو في هذا قاصر العيار وسيحدث له ما حدث لغيره إن أسعف الوقت وسيُلفظ (لفظ النواه) كما حدث للذين أطول منه باعاً في دنيا السياسة!..هذا المنطق المعوج الكسير لا يجلب لصاحبه غير السخرية.. ومن المؤسف أن يتم هذا العرض في قنوات إقليمية يشاهدها غير السودانيين.. فيسمعون ويتعجبون ويظنون بنا الظنون بعد ترسخّت لديهم صورة السوداني الرزين صاحب الخط المستقيم والحصافة واحترام الذات..!
وعجيب مثلاً أن يشهد لنفسه بالكفاءة ويغالط ويماري في الأشخاص الذين شاركوا ومن لم يشاركوا في التشكيلين الوزاريين (أبو كفاءة) والتشكيل السابق (أبو من غير كفاءة)..وقال أن الوزراء الذين أبلوا بلاءً حسناً في مهامهم وحقائبهم الوزارية تمّ إبقاؤهم في تشكيلة الكفاءات (وهو منهم) وليته قال ماذا صنع بقضية (أكياس البلاستيك) التي كان مسؤولاً عنها في المجلس الوزاري السابق والتي دفعت به إلى وزارة الإعلام في الحكومة الحاضرة.. وعاشت ذكري البطل الإفريقي نيلسون مانديلا..!
murtadamore@yahoo.com