قرأت بغثيان زايد كلمة لمصطفى البطل بعنوان “تجمع
المهنيين وروشتة الانتحار”. وهي كلمة عابثة سمجة حاول فيها أن ينال من تجمع
المهنين، حسب وصفه الوظيفي كأجير لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، بينما يُوهم أنه
من صفهم بصورة أو أخرى. فهو مع أنه يقف مع الحكومة، في قوله، إلا أنه يتعاطف مع من
سماهم “أحبابي الثوار” ويقدم لهم الاستشارات متى تيسر لوجه الله.
ونفث البطل سمومه المخابراتية من منصة هذا المشهد
السقيم الذي لبس فيه قناع التجمع ليكشر من تحته له بأسنانه الرقيعة. وهي حيلة أراد
منها ترويج خط الحكومة في النيل من تجمع المهنيين. فشايع قول الحكومة بفشل عصيان
الأربعاء 14 مارس 2019 الذي دعا له التجمع. ووصف التجمع بأنه فئة قليلة اعتزلها
السودانيون. وروج للتجمع كعرين لعلمانيين عصاة ملحدين. وبالطبع لا تتوقع من مفتون
بذاته مثل البطل أن يذيع ما يلقى عليه كدارج إعلام جهاز الأمن. فهو صاحب
“براند” والآخرون الصدى. فهو يستنكف أن يروج للقول على عواهنه بل لابد
من أن يعمل له توم وشمار حتى لو تنطع وأسف وتهتك.
أعلن البطل فشل العصيان المدني ليوم الأربعاء كما هي
عقيدة الحكومة. وللبطل في تومه وشماره فنون بذيئة. فقال إنه نصح (متطفلاً) التجمع
بألا يتورط في إعلان العصيان المدني ليوم الأربعاء لأنه سيكون “من الأخطاء
الاستراتيجية الفادحة”. ومتى فشل العصيان انحسر دوره وفقد الناس الثقة فيه
ككيان قيادي. وقد كان. فشل العصيان، في قوله، وبان “الانفصال الشبكي”
بين الفتية البواسل ممن ظلوا يستجيبون لنداءات التجمع و”أوسع اقطاعات من
المواطنين العاديين” ممن صموا آذانهم عنها يمارسون حياتهم في أمن وأمان.
وسنضرب صفحاً عن خطأ استخدامه ل”استراتيجي” بدلاً عن
“تكتيكي”. فمصيره يعرف عنهما في دورة منتظرة لكتائب إكس بجهاز الأمن.
وضرب البطل هنا عصفورين بحجر واحد. فلم يفشل الاعتصام
فحسب بل كشف عما ما روجت له الحكومة طويلاً بأن ناس المظاهرات فئة قليلة اعتزلها
الجمهور الواسع من السودانيين. فقال إن العصيان رفع الغطاء عن “حقيقة
ساطعة” هي أن التجمع لا يمثل سوى شرائح محدودة من الشبيبة. وهذه الشبيبة ليست
محدودة العدد بل مزورة دجالة. فهي تتكاثر ماكرة بأسلوب “المظاهرات
الطيارة”. وهي مظاهرات لا تستمر إلا ريثما يتم تصويرها على النت “ثم
ينصرف كل إلى حال سبيله بعد أن تنتقل إلى موقعها الطبيعي في العالم الافتراضي
الكائن بأعالي الأسافير. في حين أن القطاعات العظمي من السوادنة، على الأرض، خارج
المعادلة تماماً”. أكثر من خمسين شهيداً لم ينصرفوا إلى حال سبيلهم يا نذل!
وأراد البطل الخرع من كلمته التلويح بقميص الدين
للتنفير من التجمع كبؤرة علمانية لا تقبل في صفوفها إلا كل فاجر كفارا. فالحكومة
هي الدين ومن عارضها في سقر. فمن شروط خدمة هذه الحكومة السنية أن يكون الموظف
مصلياً صواما وهي ما لا تكون في علماني مثله. وقال بذلك جدلاً وسخفاً. فهو لا يصلي
ولا يصوم بحسب كلمة قالها فيه الأستاذ عمار آدم حين استنكر رقي البطل إلى مصاف
المستشار الثقافي الدبلوماسي لدولة مسلمة. وطلب البطل من الأستاذ صلاح شعيب،
الناطق باسم تجمع المهنيين في أوربا وأمريكا، أن يعرض كلمة عمار عن فسوقه بينة
للتجمع ليثبت لهم أنه ليس كوزاً بل علمانياً عاص لله ورسوله فيرضى عنه. وقد وعده
شعيب بأن “تلك الوثيقة تكفي من حيث أنها تفي بالغرض وتزيد عليه بإذن الله
باعتبار أن عمار من اهل الذكر والثقات الذين لا ترد شهادتهم”. وهذا باب في
الرقاعة قد يسبقه إليه أجراء غيره ولكنهم سيعفون عن ولوجه بمثل سماجة البطل
وتصنعه. (وحكاية حديثه لشعيب لا قيمة لها).
أشهد الله عليك أنت رخيص يا بطل. سوقت قلمك، متى استوى
على سوقه، للمستبدين. ووقفت به عند أبواب السلاطين ترتجي نوالهم. فقلت في مناسبة
تعيينك مستشاراً إنك سمعت “حديث طيب من السيد الرئيس اتسم بالحكمة والحنكة
والمعرفة التي طالما اتصف بها السيد الرئيس”. يا راجل! ونأتي غداً بعصمائك
التي شنفت بها أذن جمال الوالي في لندن حتى أمر لك بما أمر.