علاج الأزمة الاقتصادية والسياسية الطاحنة سيجد الدواء
الناجع..! فقد صدرت (فرمانات) تقضي بإعفاء بعض مديري المؤسسات العامة؛ كما تم
تجميد لجنة صنّاع السوق..! والحقيقة لله فإن هؤلاء المفصولين ليسوا (موظفين
عاديين) وستتضح لك الصورة من مرتبات بعضهم..! بل إن هذه المؤسسات التي تم إعفاء
مديريها على يد رئيس الوزراء الجديد هي (مراكز قوى) لأنها تجمع كل المال الذي يدور
بعيداً عن الخزانة العامة..! وللمواطن أن يحتار بين (جهة قرار الإعفاء) وبين الذين
تم إعفاؤهم.. أيهما المغبون وأيهما المُحق؟.. وذلك بسبب الخلط و(الدربكة المريعة)
بين مسؤولية الوظيفة العامة والمصالح الشخصية وبين (تصفية الحسابات) وحسابات
التصفية..! (أما الخيام فإنها كخيامهم..وأرى نساء الحي غير نسائها)..!
وإذا كانت معالجة أزمة الاقتصاد تتم عن طريق خفض
مرتبات بضعة موظفين لما جرى تعيين (سبعة مساعدين) وثمانية عشر وزير دولة (قابلين
للزيادة) فالحمولات التي قصمت ظهر الاقتصاد عديدة وثقيلة ولا تمثل فيها السرقات
والمخالفات التي ترد في تقارير المراجع العام غير (شرمة صغيرة) من قمة جبل
الجليد..!.. وقد أوردت الصحف ووسائط الأعلام مرتب ومخصصات أحد مديري هذه المؤسسات
الذي جرى فصله بالأمس وقالت أن سبب الفصل يكمن في المرتب الشهري الكبير (سيتم
تعيين آخر في مكانه).. وكانت تكلفة هذا المدير مرتب شهري أساسي 38 مليون بالقديم،
بالإضافة إلى بدل سكن إجمالي بما يعادل ثلاثة شهور في العام، بجانب (حافز إيرادات)
يوازي مرتب أربعة شهور، مع قيمة تذاكر سفر خارجية له ولأسرته..! وهذا يعني انه
يستلم 38 مليون شهرياً (12 شهر في السنة) بجانب مرتبه (ذاته) حوافز وسكن (7 شهور
في ذات السنة).. ولك أن تجتهد في (تضريب) تذاكر السفر للخارج له ولأسرته..! وستكون
الحصيلة قيمة إجمالية تكيل عين ديوان المراجع العام وتفيض…! وكل هذا لمدير واحد
في مؤسسة واحدة، ولا تسأل عن آخرين يمكن أن يتحصّلوا على أكثر من (حساب المكاورة
هذا) حتى ولو لم يكونوا مديرين عموميين في مؤسسات الدولة.. ولا تتحدث عن الذي
يحتلون عقارات الدولة من غير أن تكون لهم أدنى صلة بالخدمة المدنية ووظائف
الدولة.. فهؤلاء يصفون بعضهم ويقولون عن أنفسهم (ضُمّر هُمام… ما برخو للنفس
الزمام)..!
إذن الاقتصاد السوداني على طريق المعافاة (والحمد
لله)..!! وقد بدأ حل أزمته بالتخلص من أربعة أو خمسة موظفين يعملون في المؤسسات
العامة.. ولكن هل هذه هي وظائفهم الحقيقية؟! ومَنْ يستطيع أن يعرف ماذا يدور في
الخدمة العامة والمال العام وهذه المؤسسات القومية ذات الأسماء الكبيرة؛ مؤسسة
النفط، والجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي، وشركة السكر السودانية، والشركة
السودانية للموارد المعدنية..! وفي ذات الوقت هل يكون حل الأزمة الاقتصادية عبر
تجميد عمل آلية (صُناع السوق) لأجل غير مسمى حسب ما صدر من قرارات بالأمس؟ وقد كان
الناس يتساءلون عن النبأ العظيم في طريقة تعيينها من خارج أسوار البنك المركزي،
ومن جهات ذات مصالح متعارضة في سوق العملة،.. وقد ظلّ صُنّاع السوق هؤلاء يتمترسون
في حدود 47 جنيها للدولار، بينما كان سعره في السوق بين السبعين والثمانين جنيه في
حالتي الشيكات و(الكاش).. (هي في الواقع 47 ألف جنيه و70 ألف جنيه حتى لا نستسلم
لخديعة الأصفار الثلاثة المسحوبة لأغراض تخديرية).. فوداعاً لجنة صنّاع السوق التي
أبلت بلاءً حسناً واجتمعت وانفضت و(أكلت وشربت) وهي تأتي إلي مكاتبها كل صباح
لتعلن جملة من سطر واحد (سعر الدولار اليوم هو 47 جنيهاً.. وزقّة).. ويُحمد لها
أنها لم تهتم بالصخب الذي يدور في قاعات المصارف وأزقة السوق العربي و(الشائعات
المُغرضة) التي تتحدث عن السبعين والثمانين..! فقد كانت لجنة من (الصُنّاع
المَهرة) وفيها بهاليل من البنوك والصرافات والخبراء على قياس مدير البنك المركزي
السابق الذي بعدما أقالوه ظهر في الشاشات عند إعلان حوافز المغتربين الجديدة..!
إقالة مديري المؤسسات وتجميد لجنة صنّاع السوق ..قراران تمخّضت عنهما “حكومة
الكفاءات” لحل أزمة الاقتصاد السوداني..(فبأي آلاء ربكما تكذّبان)..؟!؟
murtadamore@yahoo.com