حماس منقطع النظير يعم السودانيين، سوى قلة. إنها أشبه بالدعوة لعيد وطني، وهو كذلك بالفعل. لا هم للسودانيين، سوى قلة، إلا .. (٦أبريل)
هل هو يوم (النصر)؟
إنه يوم (على طريق النصر)
نحو القيادة العامة ل(قوات الشعب المسلحة)
والأرجح أن الموكب سيكون عظيما بعظمة الذكرى: انتصار الشعب في ملحمة (الانتفاضة)
حين أشعل السودانيون (النور) وطردوا (ظلام) الديكتاتورية
حين (ذاب) الاتحاد الاشتراكي، وطوى النسيان (جمعية ود نميري التعاونية)
حين (عبر) الشعب بالبلاد إلى عهد جديد، عهد الكرامة والحرية وحقوق الإنسان، قبل أن يحل الظلام ثانية بتدبير حزب لا يؤمن، لا بالشعب ولا حقوقه ولا الحرية
ولتدخل البلاد تجربة غير مسبوقة في تاريخها الطويل: ٣٠ سنة من القمع الفاشي والإفقار والطرد من الوظائف والقتل والتعذيب و(بيوت الأشباح) والانتهاكات الممنهجة والإذلال المتعمد والفساد وتدمير النسيج الوطني والإعلاء من شأن التنظيم على حساب الدولة والوطن والشعب
وحين تملكت(هم) نشوة النصر والإحساس بأنهم تمكنوا من رقاب الناس تماماً لدرجة: الحسوا كوعكم، والزارعنا غير الله يجي (يقلعنا)، خرج في مواجهتهم جيل متسلح بالوطنية و(القومية) والسلمية، سرعان ما انضمت إليه أجيال أخرى، لتصبح الثورة (مزاجا عاما) و(ثقافة) يرددها حتى الأطفال
والسودان بعد ١٣ ديسمبر (يختلف) جذريا عن (سودان ال٣٠ عاما)، بل وأكثر
سودان يهتف ضد العنصرية، وينفذ حملات غير مسبوقة للنظافة. سودان يرسم وجوه الشهداء على جدران منازلهم. سودان يتوجه بمواكبه لبيوت الشيوخ الذين أطلق سراحهم، ومن لوحوا لنا بتلويحة أخيرة وغادروا في أنبل صورة. سودان تُقطع ذراعه فيرفع شارة النصر بالأخرى. سودان بات يؤمن الآن إيمانا تاما ب(المستقبل)
السر في هذه الثورة: إرادة (البناء)
كل ثائرة، كل ثائر
كل شابة، كل شاب
كل أم وأب
كل شخص يحدوه أمل واحد: أن (تشرق) شمس الغد، ل(يبني)
انطوت صفحة الأنانية وتغليب المصالح الشخصية
وبزغ فجر الوطن
عوض (السراية) في مدني نريد أن نكحّل أعيننا بقطن الجزيرة، وسمسم القضارف. بدل الأنتينوف صادرات اللحوم والألبان من النيل الأزرق. بدل (بيع) الموانىء سياحة ونهضة في بورتسودان وسواكن. بدل (موقف شندي) و(كوبر) مصانع. بدل معسكرات النزوح سياحة في جبل مرة وإنتاج زراعي وحيواني. عوض استشهاد في المعتقلات هناك، نريد أن نرى صادرات (مزارع) كسلا في أسواق العالم، وجبنة الدويم وصمغ الأبيض وتمر مروي وقمح دنقلا ومانجو أبوجبيهة وجوافة سنجة وخضروات (جروف النيل) وأسماك وادي حلفا
نريد أن نرى مدني مثل (يوركشير)، نصنع من قطننا – هنا – ما يستر سوأة العالم
وأن (تختال) عطبرة مرة أخرى بقطاراتها
ويصبح مرفأ كوستي خلية نحل
وترتاح نيالا من الحروب، وتغفو (كاودا) على صدر (أم بادر)
ولنجعل مطارا في الفاشر – مثلا – قبلة لأفريقيا، والدندر مزارا يقصده العالم كأعظم (سفاري)، وسهول البطانة محطة لكل المولعين بالمغامرة والصيد (غير الجائر)، ومقرن النيلين مكاناً سياحيا من الدرجة الأولى، هو وشارع النيل وأركويت (الشرق) والبجراوية وجبل مرة والأنقسنا وكادوقلي؟
الثورة إيمان عميق بالغد
تغيير شامل – بدأ فعلا – في أنماط التفكير وأساليب الحياة
وفي السودان الآن تتخلق معجزة
إنها ليست الرغبة العارمة في التغيير السياسي وإنهاء حكم الإنقاذ
بل التطلع للمهمة الأصعب: البناء على نحو سريع، بناء كل شىء، الإنسان والحقول والمراعي والمدارس والجامعات والمستشفيات و..(الوعي)