الرئيس بوتفليقة مناضل وطني مشهود له، واستطاع أثناء رئاسته احتواء الفتنة التي أصابت البلاد حيناً من الدهر. ولكنه منذ إصابته الصحية في أبريل 2013م فقد صلاحية ممارسة وظيفته رئيساً للبلاد. لم تستطع أجهزة الدولة التصدي للموقف، وهو لم يقدم استقالته كما ينبغي، ولذلك هب الشعب الجزائري في ثورة لتصحيح الأوضاع في البلاد.
هذا الشعب المقدام قد استحق إعجاباً وطنياً، وعربياً، وأفريقياً، وإسلامياً، بل ودولياً لموقفه الجهادي النضالي ضد الامبريالية الاستيطانية الفرنسية حتى حقق استقلاله وحريته.
والآن هب الشعب في ثورة شعبية سلمية متوقع لها أن تحقق أهدافها. ويحمد للقوات المسلحة الجزائرية، بعد فترة أولى من الوقوف إلى جانب نظام فقد ثقة الشعب، يحمد لها الإستجابة لمطالب الشعب.
يتوقع أن يستقيل الرئيس بوتفليقة استجابة لمطلب الشعب المشروع. وهذا ما يحمد له وإن تأخرت الإستجابة.
لقد احتفظ الشعب بسلمية ثورته.
إن امتناع القوات المسلحة من البطش بالشعب والاستجابة لمطالبه، واستجابة الرئيس بوتفليقة لتلك المطالب حيثيات تزكي التجربة الجزائرية بالوعي السياسي والسلوك الحضاري.
ما حدث في الجزائر ليس معزولاً عن محيطه العربي والأفريقي، الذي تسود فيه حالة توتر حاد بين حكومات طاغية وشعوب مقهورة، متطلعة للحاق بالتاريخ الذي يملي أن يكون الحكم برضا الشعوب القائم على المشاركة، والمساءلة، والشفافية وسيادة حكم القانون سياسياً؛ وعلى العدالة الاجتماعية اقتصادياً، وعلى استقلال القرار الوطني دولياً.
يرجى أن تواصل التجربة الجزائرية عطاءها، فلا يقف عند حد إزالة نظام، إلى إقامة نظام بديل يحقق روشتة اللحاق بالتاريخ المذكورة. لكي يقوم النظام الجديد المنشود بإرادة الشعب سلمياً، وبدعم القوات المسلحة للإرادة الشعبية، فهي المرجو منها دائماً الالتزام بوظيفتها الوطنية دفاعاً عن الوطن وحماية للدولة، وتجنب التخريب السياسي الذي يعني تخليها عن وظيفتها الوطنية والانخراط فيما يفقدها دورها بل يعرضها لعدم الانضباط ويحولها لمليشيات حزبية لا تليق بمكانتها المنشودة.
تعظيم سلام للتجربة الجزائرية، ويرجى أن تقتدى بها الشعوب الأخرى التي تعاني هي الأخرى مما قاله النواف:
آفة الشرق حاكمٌ معبودٌ وشعوبٌ تروعهنَّ قيودُ!