وزير المالية الجديد يتحدث عن “اقتصاد
المعرفة” وهذه (جدعة بعيدة) مع مشاكل السكر والزيت والرغيف وانحباس أموال
المعيشة في ماكينات صماء لا تجيب ومع ذلك هي محروسة بثمانية موجهات تحدد مواعيد
وقوف المتعاملين المطالبين بنقودهم أمام الصرافات الآلية وكيفية تسجيل أسمائهم
مُسبقاً في الكشف المختوم…الخ واقتصاد المعرفة يقوم على قاعدة الابتكار بحيث
تكون المعرفة هي المحرّك الأساسي للنمو الاقتصادي بالاعتماد على تكنولوجيا
المعلومات والاتصال واستخدام الرقمنة، على عكس الاقتصاد المبني على الإنتاج
التقليدي.. وهذا النوع من الاقتصاد يحتاج إلى رأس مال بشري عالي التأهيل بما يرفع
المساهمة النسبية للصناعات القائمة على المعرفة، وهذا هو مجال التكنولوجيا
المتوسطة والرفيعة وفي القلب من ذلك الخدمات المالية وخدمات الأعمال.. وليس طباعة
النقود على طريقة مسؤولي (القطاع التنظيمي) في المؤتمر الوطني أو الاحتفال بوصول
شحنات الأوراق النقدية من أعالي البحار..! فهذا اقتصاد يستند على الإبداع
والابتكارية الفعّالة التي تقيم نظام نشط من الروابط التجارية والصناعية مع
الهيئات العلمية لمواكبة الثورة المعرفية المتنامية وتكييفها مع الاحتياجات
المحلية وعلى ضوء التنافسية الاقتصادية.. ويتطلب هذا الأمر بطبيعة الحال بنية
تحتية قائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات..! وهذه مكوّنات وخصائص لا تتوفر
للدول التي تناشد مغتربيها بإرسال السكر والدقيق والزيت لأهلهم، مما يلخبط حركة
الطيران العالمي ويخرق لوائح (الإياتا)!
وما أن تكلم وزير المالية الجديد ..(ونرجو ألا يكون
صحيحاً أن أفراد أسرته سبق وان احتجوا على إجراءات روتينية في مطار الخرطوم
وطالبوا بتمييزهم وعدم تفتيش حقائبهم لأنهم ليسوا من المسافرين العاديين)… ما أن
صرّح بحديث قال في أوله أنه يريد استخدام اقتصاد المعرفة واستعادة دور الاقتصاد
السوداني الرائد في المنطقة.. حتى نهض رجل من أهل الإنقاذ ظلّ مستشاراً اقتصادياً
للتشكيلات الحكومية المتعاقبة فهو (مع كل قرار اقتصادي وضده) حسب موقف الوزير
الحاضر.. ولعله يبحث عن دور جديد عندما أفرد (واحدة من مطولاته) لامتداح هذا
(التوجّه العبقري) للوزير الجديد الذي يريد استعادة الدور الريادي للاقتصاد
السوداني في المنطقة، وهو لم يفرغ بعد من حل مشكلة المودعين مع الصرافات والبنوك،
ولم يفرغ من تدشين المخابز القادمة من الخارج لمساعدة السودانيين في صناعة رغيفهم!
وقال هذا (المادح المتعجّل) إن تصريحات الوزير هذه تعبّر عن (فلسفة اقتصادية
مواكبة) وتمثل (منهجية مفتاحية) لانجاز (تنمية مرموقة) حيث أنها تنطلق من (ثلاثة
باءات) باللغة الانجليزية- تمثل الشراكة بين القطاع العام والخاص.. وقال إنه يرى
الفجر يشرق والطيور تزقزق وهي تستقبل عقود الامتياز والبناء والتشغيل ونقل الملكية
(البوت) والتملك والتشغيل ونقل الملكية (البووت) والبناء والتملك (البوو).. ثم
تجرأ وتحدث عما وصفه بـ(أورنيك 15 الاليكتروني)؛ وهو يعلم ماذا جرى لأورنيك 15
(غير الاليكتروني)..!! ثم استشهد بتطبيق (ترحال) الخاص بسيارات الأجرة عبر الهاتف
كنموذج لبناء اقتصاد السودان واقتصاد المعرفة..! سوف يندهش الوزير من هذه الإشادة
التي لم تخطر له على بال.. وبين هذه المجاملات الشخصية والنزعات المصلحية ينقصم
ظهر الاقتصاد السوداني فوق ما عليه من (قطايع وفلايت)!! إنتو وين والناس وين؟!
murtadamore@yahoo.com