منذ عهد ما قبل سن الرشد يتباهى احدهم بأنه
انتمى لجماعة تربى فى كنفها.، وكان و مازال من مستلزمات الانتماء اليها كراهية
الآخر غير المنتمى ، وهى جماعة ادعت أنها الناطقة بأسم الرب..و حامية حمى الدين
… وهى من دون الخلق المتدثرة بالفضائل ، و اتساقا مع ما وقر فى اذهان المنتمين
للجماعة ..بأنهم من الجماعة الناجية من غضب الرحمن، أعطى بعضهم لنفسه الحق فى
توزيع صكوك الادانة والغفران حسبما شاء وبلا حيثيات!!
ورأينا منهم العجب العجاب، تقييم ايجابى لموقف ثم
الايحاء بنقيضه تماما! ،فقد جاءونا بمصالحة اثناء العقد الثانى من سبعينيات القرن
الماضى، و تسللوا الى مفاصل الحكم ، بعد ان فشل سعيهم فى القضاء على رأس النظام، و
قبل ان تجف دماء من قتلوا فى شوارع الخرطوم دفاعا عما ظنوه حماية لمشروعهم الحضارى
، احتضنوا ما كانوا يخططون لاغتياله واصفين اياه بالرجل الوطنى الصادق ، و من تحت
وصايتهم و ادبياتهم عاش السودان فترة من اسوأ فتراته .. عشرات من الايادى بترت
لشباب ما زالوا الى اليوم يعانون … شظف العيش بل فقد جلهم نعمة العقل السوى.. و
شهدت تلك الحقبة جريمة تعد من ابشع جرائم الظلم فى القرن العشرين اذ تمت تصفية شيخ
جاوز السادسة والسبعين من عمره لمعارضته قوانين شوهت مقاصد الدين الحنيف.. ، و ما
فتأوا يقولون تارة بأنهم كانوا كومبارس على مسرح الاحداث رغم تبوأ رؤوسهم المناصب
البارزة انذاك!.وظنوا ان الناس قد نسوا سعيهم الدؤؤب لتنصيب من ارادوا اغتياله
اميرا للمؤمنين معدين له تظاهرات البيعة، ثم شرعوا فى وصم كل من انتقد تلك التجربة
المريرة بالمارقين من احكام الله عز و جل.
-2-
وحين اتى بعد هبة الشعب ضد الظلم على الساحة حزبان
كبيران باغلبية نسبية ، وكان من رأيهما ان ماتم باسم الشريعة الاسلامية قد اساء
للدين الحنيف ، هنا امتلآت ساحة من ظنوا انهم حماة بيضة العقيدة باساليب أقل ما
توصف بها بأنها غير مؤدبة .. و غير لائقة، ولا تتمشى بالدعوة بالتى هى احسن و لا
تتسق و دعوة رسولنا الكريم بان المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده. سادت صحافة
رجرجة يجيدون استعمال الالفاظ الساقطة، كوصف هذا بالتوم كديس. لا ندرى هل تهكما
على علامات الشلوخ على خديه ام لسبب اخر ، و ذاك بالبراميلى واخر بابى النواعم
..والاساءة لشيخ اخر بأنه درق سيدو ! لتمتلأ سماء الخرطوم بمثل هذا الصراخ غير
المسؤؤل…ورغم احتجاجات هؤلاء وصلت مجلس الوزراء لكن رئيس الوزراء انذاك بما اتصف
به من سعة صدر… و اعتقاده بان هؤلاء سيصمتون حين تصحى ضمائرهم …ولكنهم لم
يراعوا ذمة ولا عقل واصبح رئيس الوزراء نفسه على مرمى سواقط اوصافهم..ووسط هذا
الظلام تحسر السودانيون على اقلام نبيلة كان من روادها على حامد و بشير محمد سعيد
و عبد الله رجب و محجوب محمد صالح.وأمثالهم وتمشيا مع الفعل و نقيضه، يأتى الادعاء
ممن كانوا على رأس هذه الهرجلة الاعلامية بأنهم مع جماعة ابي كديس والبراميلى وابى
النواعم …و درق سيدو.. يملكون الاغلبية الكاسحة . و نسوا ما غرسوه من اساءات .
لهؤلاء ومن ينتمون اليهم، و مازالت جراحاتهم مازالت تنزف ، وقد غادر معظمهم هذه
الفانية وهم غير راضين عن هؤلاء الذين اساءوا لقيم الدين.
-3-
فى زخم الاحداث الانية المتسارعة هذه الايام..والتظاهرات
التى قادها شباب هذه الامة، ظل هؤلاء الشباب يؤكدون بأنهم لم يعايشوا ذاك الصراع
الذى ظل يستعر بين جناحين احدهما شيوعى بعثى واخر اسلاموى ، ولكنهم رأوا و عايشوا
.. كيف ان حقوقهم اهدرت ، والفساد عم ، و لم يرق لهم التلاعب بقيم الدين الحنيف
الذى هو عصمة أمرهم ومسكن هويتهم. ذكرنى زعم أحدهم بانهم يمثلون 98 فى المائة ،
وكيل السباب لما سماهم بشذاذ الافاق والجرذان لمتلازمة شديدة الوطأة ما زالت تعشعش
فى ذهن البعض الذين نسوا اننا فى اعتاب القرن 21 بمعطيات متغايرة و قضايا واضحة
المعالم، و شباب يمتلك وسائل المعرفة الحديثة ولهم القدرة على التمييز بين الغث
والسمين من الافكار.
متلازمة الكراهية اعادتنى الى قصة طريفة ابان دراستنا
فى المرحلة المتوسطة.. فقد درج زميل لنا على استعمال جملة اعجبته فى كل موضوعات
الانشاء بحصص اللغة العربية.: هاج و ماج وارغى وازبد…لا يتراجع عن استعمالها..
فى كل الاحوال .،.استاذ اللغة العربية أراد ابعاده من استعمال هذه الجملة الى
اصبحت من متلازماته… وطلب منا الكتابة عن :- هب أنك ضعت فى صحراء بيوضة ..احك عن
هذه التجربة؟ وكتب زميلنا .. ” بينما كنت سائرا فى الصحراء القاحلة..وحولى رمال
فجأة وجدت كومة حجارة . وانبثق منها نبع ماء و هاج و ماج وارغى وأزبد!!- أصر
زميلنا على مادرج عليه….وتماما كزميلنا مازالت متلازمة نحن جماعة .. و هناك
جماعة أخرى…اعاديها بلا حيثيات..ليعيدنا التاريخ الى زمن ولى واندثر، و متلازمة
الهرج والمرج ، خرجت من طور ترداد ما عفا الزمن عليه ، وأصبح ضروريا ان تكون هناك
متلازمة ” التلاؤم العام General adaptation syndrome لتنعتق
البلاد من ذاك الجحر الضيق الى أفاق .. عالم جديد بمعطيات حديثة …
salahmsai@hotmail.com