لم تحظ الثورة السودانية بما تستحقه من اهتمام ومتابعة إعلامية على المستوى الخارجي وهذا يعود الى مصلحة العديد من الدول عالميا وإقليميا، إذ أن لها مصالح في بقاء حاكم ارجوز مطيع، خائف من الملاحقة من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي يمكن أن يخضع لكل ما تطلبه، ولا يهمها ماذا يفعل بشعبه طالما ظل ذلك الحاكم مطيعا وخاضعا رغم شعارات ذلك العالم الحر عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.
سلم جهاز الأمن السوداني المخابرات الأمريكية قوائم تحوي معلومات مفصلة ودقيقة عن كل الحركات الاسلامية المعارضة في بلادها وأسماء الناشطين وقيادات الحركة. ثم أعقب ذلك بتعيين مدير جهاز الامن السابق محمد عطا سفيرا للسودان بواشطن ليكون على تواصل مباشر ويومي مع الحكومة الأمريكية . فالاسلامويون السودانيون ادعوا مساندة الإرهاب واستضافوا أسامة بن لادن ثم استدرجوا كارلوس للخرطوم بقصد المقايضة وكسب ود أمريكا ولعب دور مزدوج مع الطرفين .
أسس الشيخ حسن الترابي ما سمي بالمؤتمر العربي الاسلامي الشعبي ليجمع الاسلامويين والمعارضين من كل البلدان العربية والاسلامية في لقاءات مكشوفة بالخرطوم تحت أعين السفارات الغربية ودولهم التي هربوا منها، وعند أول ضغط على حكومة الجبهة حل الترابي والسنوسي المؤتمر دون الرجوع الى أعضائه المؤسسين .
أما بالنسبة لاروبا فقد استغل النظام تخوفاتها من الإرهاب والهجرة غير الشرعية فقدم نفسه كدولة هامة في وقف هذا الخطر حسب موقعها الجيواستراتجي في افريقيا والشرق الاوسط، لذلك صار لأروبا مصلحة في قيام البشير بهذا الدور في الجنوب ويهمها بقاء النظام وعدم تغيير الاوضاع في السودان .
أما بالنسبة لدول الاقليم وبالذات دول الخليج فهي لن تجد أضعف من البشير ونظامه في تلبية إحتياجاتها الاستراتجية وخدمة مصالحها! والدليل إرسال الجيش السوداني للمشاركة في حرب الابادة باليمن في عملية عاصفة الصحراء . ولا يذكر اسم السودان ضمن دول التحالف ويهمل ذكر القتلى ويطلق عليهم اليمنيون وصف المرتزقه السودانيين
رغم العلاقات التاريخية الرائعة التي كانت تربط الشعبين اليمني و السوداني في الماضي القريب .
ومن المهين ان دول الخليج لم تقدم للسودان والنظام أي دعم مالي بينما منحت تونس التي لم تشارك في الحرب قروضا فاقت ال 800 مليون دولار ،فهي تحتقر البشير ونظامه وتعلم عزلته وضعفه . لذلك أرى أن تكون المطالبة بسحب الجيش السوداني من اليمن من أولويات الثورة السودانية، وأن يحتل هذا المطلب المقدمة في الشعارات والهتافات خلال الحراك الشعبي .
تحتاج الثورة السودانية إلى تنشيط وتفعيل الجبهة الخارجية من خلال توظيف الوجود السوداني الكمي والنوعي بالخارج . فللسودانين مواقع هامة في المنظمات الدولية وفي المجتمعات الغربية كعاملين في المؤسسات الطبية والتقنية ، والاقتصادية والاعلامية . وقد لاحظت مقدار الاهتمام بالحراك في الجزائر مقارنة بالسودان ،فقد أهملت وسائل الاعلام الخارجية تغطية موكب بروكسل وأخيرأ مظاهرات جنيف ، بينما وجدت مظاهرات الجزائريين بباريس اهتماما واضحا.
واجب الاعلاميين السودانيين في الخارج تكوين شبكات تواصل دائم مع زملائهم الاعلاميين وتنشيط اهتمامهم بالشأن السوداني وتزويدهم بالأخبار والمعلومات . ليس هذا وحسب، بل على الوجود السوداني بالخارج ان ينشط في تمتين علاقاته والمبادرة بفعاليات بالتعاون مع الأحزاب اليسارية والتقدمية الاروبية، ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والدينية، وتنظيم وقفات وتجمعات في كل نهاية أسبوع في أماكن محددة ومؤثرة في المدن التي يعيش فيها السودانيون ، والقيام بفعاليات فنية وثقافية بالتعاون مع الجمعيات والمجالس البلدية والفرق الابداعية .
لا بد للسودانيين بالخارج من نشاط مكثف ومستمر، وليس موسميا في دعم الجبهة الداخلية وايقاظ الاهتمام بالثورة السودانية ولاتكون مجرد حدث محلي معزول . هناك صعوبات بالنسبة لدول الاقليم وخاصة العربي في هذه الحالة يمكن ان يكون العمل فرديا باستقلال العلاقات الخاصة والصداقات في التركيز على الاهتمام بالشأن السوداني .