مجرد تفكير ابنعوف في أن يقبله الشعب حتى لو أنه كان قد أحسن من تمويه أهدافه من واقع صياغة البيان الذي خرج به على الشعب، مجرد تفكيره في ذلك يشعر الشعب بالإهانة والاستحقار ويجعله يتساءل، ما العاهة التي رآها هذا الأرعن في الشعب حتى يفكر في حكمه بمثل هذه التمثيلية المدرسية؟ فالفتاة حينما تكون حسناء وبنت أصول ومتعلمة ويتقدم لخطبتها شخص عاطل ولا يعرف القراءة والكتابة فإنها لا تكتفي برفضه ولكنها تمضي الليالي حزينة وهي تفكر في السبب الذي جعل شخص مثله يفكر في خطبتها.
غباء ابنعوف أنه نسى أن كل مآخذ الشعب على البشير تنطبق عليه، والصحيح أن البشير يتفوق عليه في بعض المناحي ومن بينها سرعة تهجي الحروف عند القراءة، فالشعب حينما خرج لإحداث التغيير وقدم في سبيل ذلك الشهداء، كان يبتغي أهدافا لا يستطيع ابنعوف، وإن رغب، في تحقيقها، وتتلخص في الآتي.
إنهاء الحرب في دارفور والمناطق الٱخرى، وابنعوف لا يستطيع ذلك لأنه مرفوض من كل الحركات المسلحة لكونه صاحب صحيفة سوابق وشريك في جرائم الحرب التي ارتكبت في تلك المناطق.
أن يكون لرأس الدولة البديل قبول لدى المجتمع الدولي يمكنه من تمثيل البلاد ومخاطبة المنظمات وصناديق التمويل بشأن الديون الخارجية.. الخ وهو لا يستطيع ذلك واسمه موجود ضمن قوائم المحظورين من السفر.
أن تكون أول أهداف القيادة الجديدة محاكمة رموز النظام السابق عن الجرائم التي ارتكبوها في حق البلاد والعباد ومعالجة قضايا الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة. وقد سكت البيان عن ذلك.
استعادة العدالة الغائبة عن طريق تحقيق استقلال القضاء والنيابة العامة بإعادة بناء السلطة القضائية، واصلاح النيابة وقد ابقى البيان الحال على ما هو عليه.
مهانة هذا البيان في حق الشعب ليس محصورا على مضمونه بقدرما استهانته بعقول الشعب الذي وجه إليه، وهو شعب عقل الطفل الصغير فيه بعشرة من عقول الذين كانوا وراء إعداد البيان وصياغته.